Main topics

يوليو 20، 2011

فنان مقدسي ينقل المنازل المدمرة على يد الجيش الاسرائيلي الى بينالي تركيا




"هكذا يهدم الاسرائيليون منازل المقدسيين ، انهم يريدون ان يمحو ذاكرتنا ، وانا بهذا العمل اردت ان احافظ على ذاكرة الاشياء ، جمعتها قطعة قطعة ، لانتاج شئ جديد يخرج بصورة عمل فني " ، بهذه الكلمات بدأ الفنان المقدسي بيسان أبو عيشة حديثه وهو يستعرض على شاشة الكمبيوتر الخاص به مجموعة كبيرة لصور مشروعه الفني الذي ينوي المشاركة به الى جانب ثمانين فنانا من مختلف دول العالم ، في البينالي المقرر اقامته في شهر سبتمبر القادم في تركيا .



 ويتساءل بيسان وهو يشاهد فيديو منزل المواطن ماجد ابو عيشه ، الذي هدمه جنود الاحتلال بحجة البناء بدون ترخيص وغرامة مالية قدرت ب 200 الف شيقل ، وذلك بعد محاكمة استمرت لمدة عام كامل قائلا :" اليس هذا الفيديو وحشي؟ منزل من اربع طوابق هدم بطرفة عين ، وشردت خمس عائلات مجموع افرادها ثمانون فردا ، القُي بهم الى الشارع " . ويقول الفنان المقدسي بيسان والطالب سنه ثالثه في الكلية الاكاديمية للفنون في رام الله  : "ان الاحتلال يعيش حالة " هوس " فهو يدمر تفاصيل حياة الانسان الفلسطيني وكل ما يتعلق باشيائه تماما كأنها عملية ابادة لروح الانسان ولروح الاشياء " .

ما يقوم به بيسان من عمل فني يشبه تماما ما قام به الفنان البريطاني مايكل لاندي ، الذي قام بتدمير كل مقتنياته الشخصية من لوحات وهواتف وسيارات وهدايا ثم اعاد " أرشفة ما هدم " بعمل فني اراد منه ان يؤكد ان الانسان لا يشتري من اجل الحاجة للشئ وانما هو" هوس" الامتلاك ، وقد اراد هذا الفنان الذي بدأ حياته فقيرا ، ان يوجه نقدا للمنظومة الرأسمالية المتوحشة ، وهناك الفنانه البريطانية كورنيليه باركر وكذلك مارك ديون ، الذي اشتغل على موضوع الأركيولوجية وربطها بالفن المتُحفي .
كل هؤلاء الفنانيين وغيرهم تأثر بهم الشاب بيسان وبافكارهم ، ليخرج بعمل فني متُحفي ، يصور اشياء قام بجمعها من المنازل التي يتم تدميرها على ايدي الجيش الاسرائيلي  بحجج وذرائع مختلفة ، ويعلق على ذلك فيقول " انا تأثرت بطريقة جمعهم للاشياء وبطريقة عرضها ، داخل "فتارين" ، عرض زجاجية ، وعلى كل مشهد زجاجي يحوي عرضا لقطعة او قطعتين ، ويحمل اللوح الزجاجي تاريخ الهدم واسم صاحب المنزل وعدد افراد المنزل المهدوم ، وعدد الغرف ومكان الهدم ، ويذكر بيسان ووفقا لتقديرات مركز الابحاث الاسرائيلي بيتسليم ان عدد المنازل التي تم تدميرها  في القدس  بين اعوام 2004-2010 بلغ ( 782 ) ،منزلا ، ما يعني بالارقام تشريد 1438 شخصا اصبحوا بدون مأوى ، منوها الى أن المناطق الاكثر استهدافا في القدس ،هي منطقة العيسوية وسلوان وجبل المكبر والطور ، وهي ذات المناطق المطوقة بالمستوطنات والمستوطنيين ".

ويعبر بيسان الحاصل على شهادة البكالوريوس في تكنولوجيا المعلومات من جامعة 6 اكتوبر في القاهرة عام 2006 ،عن فرحته بالمشاركة في معرض بينالي تركيا ، الذي يعد واحدا من اشهر عشرة بيناليات تقام في العالم ويوازيه بالشهرة بينالي فينسيا وبعده بينالي الشارقة ويقول " فرحتي تنبع أولا: أنني سانقل معاناة شعبي ومعاناة مدينة القدس تحديدا ، صورة مقربة وملموسة للاشياء المدمرة ، و وثانيا: تلك التشاركية مع فنانيين محترفين ، انها فرصة كبيرة لفنان ما زال مبتدئا ، فنان من القدس يعشق مدينته ويريد ان ينقل للعالم ما يجري من هدم واستيطان وحصار وجدار يلف المدينة المقدسة ويعزلها عن باقي المدن الفلسطينية ، مدينة القدس التي تختنق وتصرخ لنجدتها " . ويضيف انا اعتبر ان اختياري من قبل الوفد التركي ، الذي  قام مؤخرا بزيارة للاكاديمية برئاسة السيد ادريانو بدروسه ، " لقد اطلع الوفد على اعمال عدد من طلبة الاكاديمية وفي النهاية وقع الاختيار على  هذا العمل الفني الذي يؤرخ لذاكرة المكان والاشياء ويهدف الى تثبيت الهوية الفلسطينية .
ويتابع فيقول : ان هذا النوع من الفنون ما زال جديدا على مجتمعنا ، وقد يبدو عملا " مجنونا " في جمع بقايا اثاث ومتعلقات لاناس شردوا عن منازلهم ، ولكن هذا  النوع من الفنون يبقى الانسان على ارتباط بذاكرته الوطنية ، وانا ما زلت في بداية مشواري مع الفن التركيبي والفيديو ارت ، ومشاركتي في هذا العرض اعتبرها " فرصة ذهبية" ، لي ولقضية القدس في مواجهة آلة الهدم والاستيطان .
لا يكتفي بيسان ابوعيشه وبعد ان تأكدت مشاركته في السابع عشر من شهر سبتمبر القادم بجمع الاشياء من ادوات مطبخ او العاب او كتب او ملابس وغيرها ، والتي بدأها منذ حوالي الثلاث سنوات ، بل يحرص على جمع الوثائق والمستندات من خرائط واحصاءات ورسومات وذلك بالتعاون مع عدد من المؤسسات ومراكز الابحاث العاملة في فلسطين ، التي تعمل على رصد الانتهاكات الاسرائيلية بحق المدينة المقدسة .
 بيسان ابو عيشه ، الذي يبشر بميلاد فنان واعد على الساحة الفلسطينية ، لما يملكه من رؤية ناضجة لقضية شعبه وقضية القدس وما تعانيه من هجمات المستوطنيين والمستعربين و الجيش الاسرائيلي ، يستعد للسفر لتركيا وبعدها لعمل مشروع جديد يتمحور حول الجنود الاسرائيلين الذين يسيرون ليل نهار في مدينة القدس بكامل اسلحتهم ومعداتهم العسكرية وسط مدنيين عزّل ،ويقول : وهذه الصورة الحية والمعاشه يوميا لسكانها ، بهدف زرع الخوف ودفعهم للرحيل ، انها صورة استعراض للقوة ، وصورة للجاهزية بالحرب ، في مكان ، لا هوساحة للحرب ولا هو مكان للصدام ، بل هو مكان مقدس ، هي القدس التي تربينا في شوارعها وحاراتها وحفظناها حجرا حجر ولن تغادرنا ابدا ولن نغادرها مهما فعلوا وستبقى لوحتنا الفنية التي تلهمنا رؤية القادم دائما .

يشار أن الفنان بيسان ابو عيشه ، ابن القدس ، هو أحد طلبة الكلية الدولية للفنون ، والتي تأسست عام 2006، وبدأت تدريس الفنون في 2007، ومن المقرر أن يتخرج بيسان مع أول دفعة في 2011، وتتلقى الأكاديمية تمويلا من وزارة الخارجية النرويجية وتعمل بالتعاون مع أكاديمية «أوسلو» الوطنية للفنون التي تعتبر شريكا لها. ويدرس الطلبة في بيت المؤرخ الفلسطيني الشهير الراحل عارف العارف. وكان هذا البيت أول غاليري في الضفة الغربية، وأغلقته سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وأصبح بشكل غير رسمي مكانا ومسكنا للفنانين لسنوات كثيرة تحت الاحتلال، وفيما بعد، ضم هذا المبنى دائرة الفنون التشكيلية في أول وزارة فلسطينية للثقافة، وبعد أن أخلت الوزارة المبنى، شغلته الأكاديمية الدولية للفنون .. .

* فيديو يعرض عملية تدمير البيت من اربع طوابق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق