Main topics

ديسمبر 01، 2011

أيسر الصيفي: "أرض فلسطين قدرٌ لنا"

أيسر الصيفي وهو يوقع نسخة من روايته لمدونة النظرة
تصوير هديل موسى
 تقول الروائية أحلام مستغانمي في روايتها "فوضى الحواس": "كم رهيبة هي الأسئلة البديهية في بساطتها"، من هذه الجملة تحديدا بدأت رحلة الشاب أيسر الصيفي، 23 عاما، مع الرواية والأدب، وعلى ضفاف الرغبة بالمعرفة تخلّقت أول رواية للصيفي، محفوفة بسؤالين يدوران في ذهنه: من أنا؟ ولماذا أنا بالمخيم؟


ولد أيسر عام 1988م ، وتربى في حارات مخيم الدهيشة وبين أزقته وطرقاته الضيقة، تجرع مرارة الغربة في الوطن، وعاش معاناة قصة رواها الأجداد لأبنائهم، حتى وصلت إلى مسامعه، ليعلم أن المخيم حقيقة أوجدها الاحتلال الاسرائيلي، وأن وطنه الأصلي هو الولجة، التي تقع الآن ضمن أراضي 48 المحتلة، فيقول بروايته التي لم تنشر بعد: "كيف لنا أن نصقل كينونتنا بغلاف النسيان أو غلافا للواقع، فالمخيمات هي بقاع مؤقتة ليس إلا".


أيسر الصيفي/ كاتب رواية الدرس الأخير

رواية "الدرس الأخير"، التي يهديها أيسر لكائنات حبرية، أبدعها قلمه، تتحدث عن ذكريات طفولته المؤلمة التي عاشها بين زقاق المخيم وخريفه اللجوئي، وعن صدفة اقتحمت قدره لتغير بوصلة اتجاهه في الحياة، يخرج من فوضى الفصول حاملا رسالته، وفي صفحات الرواية أيضا نلاحظ أن هناك أحلام شاب ولدت في زقاق المخيم المعتمة، فاستطدمت بحائط الإهمال والتهميش، وحوصرت باجتياح مخيم الدهيشة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 2002م.

درس الصيفي المرحلة الابتدائية في مدارس وكالة الغوث في المخيم، ثم انتقل لمدرسة بيت لحم الثانوية، وأنهى دراسته الجامعية في جامعة بيت لحم، وهو متطوع في مؤسسة إبداع منذ عشر سنوات، كما أنه كان عضوا ومدربا في فرقة إبداع للدبكة، يقول أيسر: "عندما دخلت المرحلة الجامعية بدأت معركة اختيار التخصص، اخترت بداية دراسة إدارة الأعمال، لكن رغبتي كانت تتجه نحو دراسة الفلسفة أو العلوم السياسية، وبسبب الظروف المادية الصعبة، اخترت في النهاية دراسة إدارة الفنادق".

فكرة الدرس الأخير

صورة غلاف رواية الدرس الأخير
يتحدث أيسر عن الدافع الرئيس لكتابة روايته الأولى، فيقول: "عندما بلغت التاسعة عشر من عمري اكتشفت أن لدي كم هائل من الأسئلة، ليس لها إجابات، فبدأت رحلتي بالبحث عن إجابة لهذه الأسئلة، توجهت بداية لأبي، لكنه لم يعطني إجابة واضحة، وقال لي إبحث في الكتب عن إجابة لأسئلتك".

ويتابع الصيفي: "عملت بنصيحة والدي واتجهت للبحث عن أجوبة لأسئلتي، في الواقع لم أجد إجابة محددة من خلال ما قرأته من كتب، لكن تقلص الكم الهائل من الأسئلة في ذهني إلى سؤالين وهما: من أنا؟ ولماذا أنا بالمخيم؟"، وهنا امتشق الصيفي قلمه وبدأ بالكاتبة، وآثر الكلام على الصمت، "الذي يعد خيارا أمام مفاجآت الحياة" كما يصفه في روايته، عله بالكلام يجيب على أسئلته بنفسه.

وعند سؤال أيسر عن دور والده بحياته أجاب: "كان لوالدي دورا في إعطائي الحافز، الذي يحثني لأرسم الخطوات الأولى على طريق الإبداع، كانت خطواتي في البداية مرتبكة لكن مع تشجيع عائلتي لي، قررت أن أترجم أفكاري المتشابكة على الورق، فالفكرة لا تموت بموت الجسد، بل لها روح تبقى خالدة بقدر إيماننا بها".


رسالة من رحم المعاناة

أيسر الصيفي وهو يتصفح يروايته لقرائة مقاطع منها للنظرة
تصوير هديل موسى
عندما بدأ الصيفي بتصفح روايته لينتقي لمدونة النظرة مقاطع منها لقرائتها اختار عبارة يقول فيها: "ما أصعب أن تستعيد الذكريات الجميلة وما أصعب أن تصنعها"، واتجه بنا الحوار لسؤاله حول لحظة جميلة عاشها ويستذكرها بصعوبة، فرد أيسر على السؤال قائلا: "كنا أطفالا لا يتجاوز عمر الأكبر فينا ثلاثة عشرة عاما، عندما قررنا برعونة الطفولة أن نذهب في مسيرة باتجاه حاجز القبة الإسرائيلي، وهو الحاجز الأقرب الى المخيم"، ويتابع أيسر: "كانت النتيجة مفجعة، حيث استشهد أحد زملائي أمامنا، وكان علينا أن نرضخ أمام الحقيقة الأولى بالحياة في سن مبكرة، بكينا وضحكنا وقتها فلم نتوقع أن تنتهي اللعبة بموت أحدنا".

كان لهذا الموقف أثرا كبيرا على أيسر فمنذ ذلك الوقت تبلورهدفه وتبلورت رسالته، قرر أيسر أن يكتب للوطن حين يكبر، وأن ينغرس فيه كجذور زيتونة معمرة، فالأرض التي يكون الموت ثمنا لعشقها تستحق أن نكون عذريين في حبنا لها، هذه هي نظرة أيسر لوطنه المسلوب، ومن هذه المعاناة يستلهم الصيفي رسالته للشباب الفلسطيني قائلا: "نسبة لا بأس بها من الشباب الفلسطيني يرى أن الهجرة من الوطن هي الحل الأمثل لوضع حدا لمعاناتهم المتمثلة بالفقر والبطالة والكرامة المسلوبة، لكنني أرى أن إبداعنا كشباب فلسطيني يولد من رحم هذه المعاناة، لذلك أقول لكل شاب فلسطيني، هذه الأرض قدر لنا".

ويحلم أيسر بإكمال دراسته العليا في مجال الفلسفة، حيث أنه يرى بهذا المجال أفقا واسعا من شأنه أن يفتح أبواب المستقبل له، ويقوده إلى حقائق حياتية أخرى قد تترك بصماتها على دفتر مذكراته، عله يخرج لنا برواية أخرى تغير واقعنا من خلال شخصيات خيالية ترسم خطواتها على الورق لإكمال مسيرة الدرس الأخير، فالحياة كما يقول أيسر بروايته: "هي وثبة واحدة نحو اتجاه ما..لا أكثر".





لمزيد من المعلومات:


مؤسسة إبداع

* أخذت الصور بواسطة هديل موسى

هناك 5 تعليقات:

  1. رائع جداً فلسطين دائما تنجب المبدعين مثل ايسر الصيفي, انا اعرف ايسر عن قرب انه واحد من المبدعين الذين يذكروني بغسان كنفاني, آفكاره ودفاعه عن بلده ووطنه انه ابن مخيم ولكن آفكاره تدل على انه ابن القضية وابن الحرية ومن صمت الجدران يخرج المبدعون.

    ردحذف
  2. جميل جدا .. كل الاحترام .. مع نجاحات مقبلة ان شاء الله

    ردحذف
  3. كل الاحترام صديقي ايسر ... انا على يقين ان الرواية ستعجب جميع القارئيين ... فانت من اصحاب الافكار الجميلة التي تحتاج دوما للاحساس ... ازقة المخيم عملتنا كيف ان نكون دوما في المقدمة وكيف ان نكون دوما رجالا في زمن ينقص به الرجال ... الى الامام صديقي ايسر ( سام ) مع مزيد من الروايات والكتابات الهادفة والمميزة مثلك
    محمد الحسنات

    ردحذف
  4. لطالما أحببتك وطني....... فأنت الجمال... ومنك الجمال... ومن خِضَم معاناتك يخرج المبدعون...عشاق الحريةوالأحرار... الذين سيكونون قارب نجاتك... أو سبيل اعتاقك حراً للحياة

    رائع جداً وإلى الأمام

    ردحذف
  5. شكرا على الاهتمام بالتأكيد الرواية رائعة وتستحق والشباب الفلسطيني مميز دائما بطرحه لأفكار، تواجدكم يسرنا ويثري مواضيعنا بنقاشكم الحر وكلماتكم الرائعة
    دمتم بخير

    ردحذف