Main topics

مارس 01، 2012

سبعينية فلسطينية على مقاعد الدراسة

الحاجة عريفة وهي على مقاعد الدراسة/ إكرام أبوعيشة

تقول الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان: "كان أشد ما عانيته حرماني من الذهاب إلى المدرسة، وانقطاعي عن الدراسة"، وكانت بهذه الجملة تصف وجع الحرمان من التعليم عندما كانت طفلة، ولكنها بإرادتها وطموحها ومساعدة أخيها الشاعر إبراهيم طوقان استطاعت أن تكون أديبة وشاعرة معروفة على مستوى الوطن العربي، طوقان لم تكن المرأة الوحيدة، التي حرمت من التعليم بسبب العادات والتقاليد، وإنما هناك العديد من النساء الفلسطينيات فقدن حقهن بالتعليم نتيجة تعنت الأهل ومن بين هؤلاء النساء كانت الحاجّة عريفة البداد البالغة من العمر سبعين عاما.



تستيقظ الحاجّة عريفة مع إشراقة كل صباح جديد، وتحضر نفسها لذهاب إلى مدرستها في قرية جبع، الواقعة إلى الجنوب من مدينة جنين الفلسطينية، وتخالف البداد في ذلك بقية النساء من جيلها، حيث يحضرن أنفسهن للذهاب إلى الأرض والقيام بأعمال الزراعة والفلاحة، أما عريفة فقد اختارت أن تعاند ظروفها الصعبة وتلتحق ببرنامج محو الأمية، الذي نظمته مديرية التربية والتعليم في جنين، لتكون الوحيدة التي أصرت على مواصلة تعليمها من بين خمسة وعشرين سيدة التحقن بهذا المشروع، حيث نجحت في امتحان الاجتياز لبرنامج محو الأمية وتعليم الكبار، ومنحت شهادة من التربية والتعليم بذلك.

تجلس عريفة في غرفة الصف الثاني مع زميلاتها اللواتي يعتبرن من جيل أحفادها، ومع ذلك فإنهن يرحبن بتواجدها معهن، وكذلك المعلمات في مدرسة القرية، حيث يستقبلن عريفة كل يوم بوجه بشوش مرحبات بها كطالبة من طالبات المدرسة، تقول عريفة: "لم ألتحق بالمدرسة لأبقى مع أمي المريضة، ولكن بعد وفاتها عاد حلم الدراسة يراودني، لذلك التحقت في مشروع محو الأمية، لأسهل على نفسي بعض الأمور، واستفدت كثيرا من هذا المشروع فأنا الآن أستطيع القراءة والكتابة، وما يسعدني أكثر أنني أصبحت قادرة على قراءة بعض الآيات من القرآن الكريم".

الحاجة عريفة وهي تتعلم القراءة/ إكرام أبوعيشة
وتحظى عريفة بدعم وتشجيع كبيرين من معلمات المدرسة، فهن يبذلن جهدا كبيرا لإيصال المعلومة بوضوح للحاجّة عريفة الملتزمة بدوامها لأنها تملك طموح كبير يدفعها نحو مواصلة تعليمها بالرغم من ظروفها المعيشية الصعبة كما تقول فايزة فشافشة إحدى معلمات المدرسة.

وترى البداد أنها لو واصلت تعليمها لاستطاعت الآن أن تكون معلمة أو محاسبة أو صيدلانية أوطبيبة، مما يمكنها من الحصول على وظيفة تعيش من راتبها حياة كريمة دون أن تضطر إلى الاعتماد على الآخرين في توفير جزء من مصروفها ومتطلبات حياتها، لكن الظروف منعتها من مواصلة تعليمها، لذلك استغلت أول فرصة سمحت لها الرجوع إلى مقاعد الدراسة.

 وتطمح عريفة لدخول عالم التكنولوجيا أيضا؛ فهي الآن تتقن استعمال الهاتف النقال، وتحاول بمساعدة إحدى جاراتها أن تتقن استعمال الحاسوب، لتكون قادرة على مواكبة ما تشهده حياتنا من تقدم وتطور في هذا الحقل، فهي ترى أنها تملك القدرة على التعلم السريع في حال قدمت المعلومة لها بشكل واضح.

الحاجة عريفة وهي تقوم بصناعة الفخار/ إكرام أبوعيشة
تعيش عريفة وحيدة في بيت صغيروقديم بعد وفاة أمها وزاوج أخوتها، وتعاني من ظروف معيشية صعبة، فالفقر بسبب عدم وجود معيل لها يتواجد بكل زواوية من زوايا منزلها، وتعتمد عريفة في معيشتها على بعض المساعدات المقدمة لها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، كما أنها تقوم بتصنيع بعض الأواني الفخارية لتبيعها بثمن زهيد، يساعدها في تسديد جزء من متطلبات الحياة.

الحاجّة عريفة البداد واحدة من الشعب الفلسطيني، الذي اعتاد أن يقهر المستحيل منذ وضع مجبرا في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي الذي يحرمه يوما عن يوم من أبسط مقومات الحياة، وبما أن "الحاجة أم الاختراع"، أصبح لدى الفلسطيني بشكل عام قدرة على استنباط الأفكار الإيجابية من حياة سلبية فرضها عليه محتل جهل أن الظروف الصعبة من شأنها أن تصنع مئات الأبطال في كل ميدان.

الحاجة عريفة وهي تتعلم الكتابة/ إكرام أبوعيشة

الحاجة عريفة وهي تحضر دروسها في منزلها/ إكرام أبوعيشة


هناك 3 تعليقات:

  1. تقرير جميل جدا وهذا يدل على العزيمة والاصرا والتحدي للواقع المعيش للمرأة الفلسطينية

    ردحذف
  2. هذه الحاجة يجب ان تكون مثال لكل امراة فلسطينية لم تكمل تعليمها فرغم كبر سنها الا انها اختارت ان تكمل حياتها وتواصل طريقها حتى النهاية، امثال هذه المراة هم القادرين على بناء التاريخ ، وتغير المستقبل الى الافضل ..

    ردحذف
  3. عزيزتي أسماء أشكرك على مرورك ومشاركتك لي في موضوع التقرير
    عزيزتي ميسا بالفعل مثل هذه الحاجة قدوة يعتد بها أشكرك على مرورك ومشاركتك لي بموضوع التقرير

    ردحذف