Main topics

مايو 05، 2013

بين مطرقه الموت وسندان الجوع قتلوا عصافير الأنفاق!




كنوع من التمرد بسبب الحصار الذي فرضه المجتمع الدولي على سكان قطاع غزة في عام 2006 م بعد فوز حركة حماس فى
الإنتخابات التشريعية الثانية وسيطرتها على القطاع ، شيد الفلسطينيون العديد من الأنفاق على طول الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية لتهريب البضائع من الجانب المصري، في بداية الأمر لإدخال الاحتياجات الحياتية التي شحت بالأسواق.

 
تصوير - اسلام حسن ابو السعيد - عم الطفل محمد ربيع

الأنفاق بين التحدي والإنقسام ....
 اعتمد أهالي القطاع بشكل كبير على الأنفاق في الحصول على موادهم الأساسية بعد انهيار البنية الإقتصادية التي شملت كافة مناحي الحياة الغزية ، حيث سيطر الفقر وانتشرت البطالة وتأزمت المستشفيات ومات العديد من المرضى ، لكن للأسف سرعان ما تحولت الأنفاق إلى تجارة مزدهرة استغلت مئات العاطلين عن العمل جلهم من الشباب المستعدين للمخاطرة بحياتهم لحساب جماعات التهريب التي لا هم لها سوى تحقيق الحد الأقصى من الأرباح دونما أي اعتبار لأي بعد إنساني أو وطني. وأحدثت ظاهرة الأنفاق وتهريب البضائع عبرها ثورة عارمة أنعشت الإقتصاد الغزي بشكل عام ومدينة رفح بشكل خاص ، حيث باتت المدينة مقصداً للتجار والمواطنين من كل أنحاء محافظات القطاع لعقد الصفقات أو شراء السلع والبضائع أو البحث عن فرصة عمل .

محاولات تدميرها....
تصوير - إسلام حسن ابو السيعيد
 تزايد عدد الأنفاق من 20 نفق في منتصف 2007 إلى أن وصل حسب التقديرات حتى اللحظة إلى ما يقارب 750 نفق متعددة الأشكال والأغراض ، تتراوح في طولها بين 470 متر وعمق 7 متر تحت الأرض . فيما تعرضت الأنفاق لشتى الحملات التى تصب في النيل منها وتدميرها لا سيما بفعل الآلة الحربية الإسرائيلية  ( استهداف الطيران لها ) والإجراءات التى استخدمتها القوات من حيث إغراقها بالمياه والعديد من الطرق الأخرى لتدميرها، وبالفعل فقد دمر عدد منها، ورش الغاز ببطانها ، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل بالرغم من تقليص عددها ، ولكنها لا زالت تعمل ويتزايد عددها .

 
في الآونة الأخيرة تزايد عمق الأنفاق وأطوالها لضمان المزيد من تهريب البضائع وتحقيق الأرباح ومراكمة الثروات الطارئة أو ما يسمى ب " اقتصاد الفقاعات " الذى  بلور شرائح اجتماعية عليا من أثرياء الأنفاق لا يمكن تأمين مصادر دخلها إلا عبر اختراق وتعاون أو صمت أمني من الأجهزة المصرية والإسرائيلية والفلسطينية بالطبع ، إذ أننا نلاحظ بعد أن كانت هذه الأنفاق تبدأ وتنتهي في أماكن سرية غير اعتيادية تحت بلاط الأرضيات في المطابخ أو داخل غرف النوم أو حظائر أو البيوت المهجورة.

تطور استخداماتها...

شيدت العديد من الأنفاق لاستخدامات مختلفة ونوعية ما بين تهريب السيارات الحديثة لداخل القطاع ، وأنفاق لا يتجاوز  عددها 5 تعمل على نقل الأفراد على جانبي الحدود وتخضع لإشراف مباشر من قبل هيئة المعابر والحدود الفلسطينية . فقد لجأ الفلسطينيون والمصريون إلى العبور من الأنفاق الأرضية في ظل الإجراءات الصارمة التي فرضها نظام الرئيس السابق حسني مبارك منذ فرض الحصار على القطاع في صيف العام 2007 . إذ استخدمت هذه الأنفاق كطريق بديلة لمعبر رفح البري الذي يعد الشكل الوحيد لحركة التنقل والسفر لمواطنين قطاع غزة في ظل الإغلاقات المستمرة أمام حركة السفر لسكان القطاع .



الأنفاق ترخيص بدون رقيب ، ولا قانون لها ...

 نالت هذه الأنفاق ترخيص عبر بلدية رفح -  دون أي متابعة أو رقابة على السلع والبضائع من حيث صلاحيتها للاستخدام الآدمي أو من حيث تحديد أرباحها أو أسعارها .
 وفي الأحوال غابت الأهداف الوطنية في توفير السلع للمواطن ، ما يعني أن الأنفاق باتت مصدراُ لحراك اجتماعي منفلت وشاذ مقابل أرباح عالية جدا من تهريب السجائر والفياجرا وحبوب الهلوسة وقطع السيارات والذهب والسولار
والبنزين والمواشي ومئات السلع الأخرى ، إلى  جانب تهريب الأشخاص من القطاع إلى الخارج أو العكس .

أما الجوانب القانونية فإن التطرق لهذا البعد يعطي إشارة باعتراف وشرعية الأنفاق وهذا يتناقض مع كافة القوانين التي جاء بها قانون العمل الفلسطيني بينما يخص موضوع العمل الذي يشكل خطراً على حياة العامل، وعلى صعيد آخر فلم تخضع لأي اهتمام بالقوانين الدولية والمحلية الخاصة بقانون العمل ومن لايدرج ضمن سياق قانوني فهو غير شرعي وبالتالي تصبح الأنفاق هنا غير قانونية .


 الأنفاق من مصلحة حماس ...
يبدو أن إدامة عملية التهريب عبر الأنفاق تنطوي على مصالح متنوعة ومنفصلة، فهناك مصالح لسلطة حماس ( وبعض أجهزتها ) ارتباطا بالحصار حيث أن معظم أصحاب الأنفاق هم من المقربين من حركة حماس أو من المحسوبين عليها، ومصالح مصرية ( اقتصادية ) ، ومصالح أمنية إسرائيلية إلى جانب مصالح مجموعات فلسطينية متشابكة مع كافة الجهات ، وما يعنيه استمرار هذا الوضع من المزيد من الأضرار وانهيار للمصانع والإنتاج المحلي الذى لم يعد قادراً على المنافسة بسبب الارتفاع الهائل في كلفة المواد الأولية المهربة من ناحية ومنافسة سلع الأنفاق من ناحية ثانية .



حبوب الترامادول
انحراف اجتماعي ... 

تزايد انتشار مظاهر الانحراف الإجتماعي بكل أنواعه (المخدرات والحبوب المخدرة أو "حبوب السعادة" و الدعارة و السرقة و الجرائم و التفكك الأسري) كل ذلك في ظل انعدام شبه كامل للرقابة و تحديد الأسعار والغلاء الفاحش غير المسبوق، دون أي اعتبار لأوضاع الفقراء وقدراتهم الشرائية مما يفرض عليهم مزيداً من الإستدانة وبيع مصوغاتهم أو الإضطرار إلى ممارسة السلوكيات الإجتماعية التي تحط من كرامة الأسرة، الأمر الذي سيؤدي إلى تزايد تفسخ النسيج الإجتماعي بعد أن تفسخ النسيج الوطني و السياسي وغاب تأثير الأهداف أو الأفكار الوطنية الكبرى التوحيدية بسبب استمرار الإنقسام السياسي و الإجتماعي والإقتصادي في المجتمع الفلسطيني.

حسب التقديرات فإن عدد أصحاب الأنفاق يزيد على ألفي شخص، أصبحت ثروة كل منهم تتراوح بين 20 ألف دولار ومليون دولار، و يمكن ملاحظة بعض مظاهر الثراء الجديد من خلال شراء البعض للأراضي والفلل الجديدة أو السيارات والجيبات الحديثة في شوارع رفح .

وعدد الأنفاق الفعلية 750 نفق والعاملين من فئة الأطفال دون 18 عام تزايدوا عن 100 عامل ، والعمال أكثر  من 3000 عامل بالأنفاق .


صورة توضحية - لأحد الانفاق في مدينة رفح

 الأموات الأحياء ...
لا يمكن إنكار دور الأنفاق في تكريس عزلة القطاع عن العالم الخارجي في ظل غياب الخطة الوطنية والتنموية ، حيث وصل عدد ضحايا الأنفاق إلى ( 237 ) شخصاُ من بينهم ( 20 ) قتلوا بسبب قصف إسرائيلي للأنفاق ومحيطها ، ومن بين القتلى ( 13 ) طفل ، وبلغ عدد القتلى خلال العام الحالي 2013 ( 7 ) قتلى بينهم ( 1 )  طفل . كما بلغ عدد المصابين من بين العاملين في الأنفاق ( 599 ) مصاباُ منذ عام 2006 .


 
بين فتافيت ودشمة في نفق ايجابي قتلوا محمد... 
تصوير - اسلام حسن ابو السعيد - شقيقه محمد ربيع


محمد خليل ربيع لم يتجاوز بعد الخامسة عشر منذ ان قرر قبل عام ونصف العمل في الأنفاق فلجأ للعمل على  " الدشمة   " داخل نفق ايجابي من المعروف عن ذلك المصطلح يكون تابع لحكومة حماس وتنظيماتها في قطاع غزة، فيعامل  كحامل  ال  "vip  " نظراً للتسهيلات التي يحصل عليها العامل و لتراكم الديون المتزايدة على والده الذي كان عاملاً في اسرائيل ، ما قبل انتفاضة الأقصى وثقل حمل الأسرة لمكونة من 9 أطفال لجأ محمد وإبراهيم للعمل في قبور العصافير .

عند حولي الساعة  5:30 من مساء يوم السبت الموافق 23 فبراير 2013 وصل الطفل محمد من سكان محافظة خانيونس - قيزان رشوان ، جثة هامدة إلى مستشفى أبو يوسف النجار برفح .
فيما أفاد شقيقه ابراهيم 22 عاماً أنه توفي أثر عمله بأحد الأنفاق التابعة للقسام فيما تنتشر الأنفاق على طول الشريط الحدودي الفاصل ما بين الأراضي المصرية وقطاع غزة تحديداً بمنطقة حي البرازيل مقابل عمارة بهلول الواقعة بمحافظة رفح.

فيما تعرض لمس كهربائي 3 فاز من المواتير الكهربائية التي كانت معطلة وبعض منها أسلاكها مكشوفة التي كانت تتواجد بداخل باطن النفق لإنارته ، فيما قدر عمق النفق ب 7 متر وطول 470 متر وقد جرى نقله بواسطة سيارة  تتبع لمالكين النفق.
 وأضاف ابراهيم أن شقيقه عمل على نقل مواد " الخردة " من الجانب الفلسطيني إلى الجانب المصري بواسطة ما تعرف بمصطلح  " الدشمة " التي تسخدم لنقل المواد وهي عبارة عن غرفة تحكم 2 في 2 يتم من خلالها  الإتصال بالجانبين  " المصري والفلسطيني ".
فكان الطفل المتوفى هو من يشرف على إدارتها وتحريكها عبر الجانبين من حيث إيصال المواد المنوي نقلها للجانب المصري، وهي تحمل مواد الخردة التي يتراوح وزنها بالشياطة من 1000 إلى 1500 كيلو بالنقلة الواحدة ، فيما عمل المتوفي  بنظام الشفت " صباحي ومسائي " تتراوح عدد ساعات العمل له داخل النفق 10 ساعات ، مقابل أجره وصفها عمه بالفتافيت من 70 إلى 80 شيكل .

فيما قال محمد زعرب وهو المسؤول الإداري للعمال في النفق بمعرفتهم بعمر محمد الحقيقي حيث عمل وهو في سن الثالثة عشر ونصف لمساعدة والده نظراً لشدة خجله من طالبي الدين .....


وفي الأعلى تقرير مصور عن حالة الطفل محمد بالدلائل من عمره الحقيقي والمساومة التى تعرض لها اهله من ......؟؟؟

هناك 13 تعليقًا:

  1. بدأت اقرأ التقرير واعتقادي بانه مثل اي تقرير عن الانفاق سبق وان قرأته ولكني بعد ان تعمقت فيه وجدت انه استطاع ان يحاكي الواقع وان يلامس معاناة الاهالي ويشرح بسهولة مخاطر لم يستطع البعض ان يوصلها للقراء بسهولة كما اوصلتيها استاذة اسلام ... فلكي مني كل الحب والتقدير والاحترام ... توكلي على اللله واستمري في مسيرتك فانتي صوت لكثير من الناس المكممين والمقهورين

    ردحذف
  2. شكرا اخت اسلام على هذا الطرح البناء والهادف لهذا الموضوع

    ردحذف
  3. سلمت يداكي اخت اسلام علي التقرير الرائع موفقة ان شاء الله

    ردحذف
  4. محمد سليمان5 مايو 2013 في 10:34 م

    تقرير في قمة الابداع تستحقين كل شكر وتقدير

    ردحذف
  5. صاحبة الحرف المتألق
    و ملكةالقلم الذهبي الرائع.
    ( اسلام ابوالسعيد)
    تحية معطرة بالورد أهديها إليكِ
    كم يسعدني دوما ان اري هذا النزف الرائع الجميل
    فاعجز عن شكر على كل ما تخطه أناملكِ الذهبيه
    وما يتدفق من حبركِ العطر
    فيض من المشاعر والاحاسيس الجميله ..
    عزيزتي كم تمتعت وتلذذت بهذه العبارات المتسلسله
    والنغمات الملحنه بنفسها
    ربما الاسلبوب الذي
    اتبعتيه ونهجتيه على نهجه
    من النوع البسيط والسهل
    ويمتاز بلذذه في تذوقه..
    فهنياً لنا بهذا القلم الساحر
    والذي سحرنا جميعنا
    احساس رائع وتعبير جميل..
    دمتِ بحب وسعاده ..

    لكـ خالص احترامي

    ردحذف
  6. تقرير أكثر من رااائع ويحاكي الواااااقع بشكل كبييير
    ويبين مدى معاناة الشعب الفلسطيني في غزة
    وتناول اكثر من موضوع بما فيها عمالة الاطفال وادمان الترمادول
    وبالصور تبينت مدى مصداقية التقرير سلمت يداكِ
    ننتظر المزيد !!!!!

    ردحذف
  7. تقرير رائع استمري بارك الله فيكي وبكشف الحقيقة لكي مني كل التقدير والاحترام

    ردحذف
  8. تقرير قوي يستحق القرائة والمتابعة والاهتمام يوضح مخاطر الانفاق والعمل فيها وحاله الاطفال الذين يعملون فيها لكن الانفاق بكل ما قدمته لقطاع غزة من مساعدة وتسهيل للوضع الراهن الا انها قد الحقت الضرر الكبير للكثير من الشباب
    (بعين الله ااكل العيش مررررررر)

    مشكورة علي التقرير الجامد والجدير بالاهتمام
    الي الامام ومزيد من هذه التقارير التي تبين معاناة الغزيين

    ردحذف
  9. حسبيى الله وانت نعم الوكيل
    تقرير فى قمة الروعة اختى اسلام

    ردحذف
  10. تقرير رائع
    بالتوفيق ان شا الله

    ردحذف
  11. ورد وبيلسان11 مايو 2013 في 9:08 م

    يسلموووووووووووو اسلام تفرير رائع الى الامام

    ردحذف
  12. موفقة وتقرير رائعه واتمنى لك التوفيك فى نشر الحالات الانسانية الغائبة عن أذهان الكثير منا

    ردحذف
  13. تصوير اقرب الى الواقع الماساوى الذى يعيشه غالبيه القطاع المحاصر وسط صمت عالمى اقرب الى الخزى والعار لادنى الحقوق الانسانيه ..سلمت يمناك واتمنى تجديد هذا التقريربعد هدم الانفاق بواسطه ايدى رجال السيسى وما هو حال القطاع بعد هذا المانع الغاشم ؟؟

    ردحذف