Main topics

مارس 19، 2014

"هوس" تعود في قراءة جديدة لمسرحية " مات هاملت، قوة الجاذبية معدومة"

فرقة "هوس" المكونة من مجموعة شبابية، تطمح للوصول إلى الشارع الفلسطيني، من خلال العمل المسرحي والفني، قامت بالسابق بعرض قراءة لمسرحية" الرجل الذي أكل العالم"، والآن تعود بقراءة جديدة لمسرحية"مات هاملت، قوة الجاذبية معدومة" .
ومن الواضح أن فرقة هوس قد اثارت حركة في السوق الفني من حيث القراءات، فها نحن  نسمع الآن عن قراءات مسرحية تعرضها المسارح الفلسطينية، وهذا يدل على أن فرقة هوس قد نجحت في نشر العدوى من جديد في البلد، فمن الضروري أن يتم عرض قراءات مسرحية، باللغة العربية، فربما اللغة العربية تعيد بعضاً من كنوز تاريخنا المدفون تحت الغبار. و القراءات اسلوب قوي يجب أن يستمر وينطلق إلى الشارع الفلسطيني، ويحوله إلى شعلة من الفن والثقافة المسرحية، فما احوجنا في وقتنا الحاضر إلى ثورة فكرية ثقافية تجتاح العقول والأذهان، لشباب فلسطيني، غاب عنه الوعي وبات يعيش في الأوهام   .
وتأتي هذه القراءة كإستمرارية لمشروع القراءات المسرحية الذي يدعمه المركز الألماني "غوته"، وهي جزء من سلسة "بالعربي مسرحيات من ألمانيا" وقد قام معهد "غوته" بترجمتها خلال السنوات الثلاث الماضية، في محاولة تعريف الجمهور العربي بالدراما الألمانية المعاصرة .
وقد قامت مجموعة "هوس" المكونة من أربع شباب: حسام العزة، ميلاد قنيبي، مؤيد عبد الصمد، وفراس فراح، بإختيار النصوص التي سيتم عرضها على الجمهور، وكان منها مسرحية " مات هاملت، قوة الجاذبية معدومة" وقد شارك معهم فيها كل من : نسبت سرحان، فاتن خوري، و عرين فضل، وكان الإخراج جماعي ومشترك .

وقد لعبت المسرحية على اوتار حساسة بالنسبة للمجتمع الفلسطيني، ولكن النص المسرحي يلامس الأنسان بشكل عام، فهي تظهر في مرحلة ما مدى حاجة الأنسان إلى نظام معين، فعلى الرغم من التمرد الذي يعيشه الأنسان مع نفسه ، في محاولة اكتشاف الحياة التي يعيشها والنظم التي فرضت عليه، إلا انه يعود ويشعر بالفراغ عند غياب الرب، الرب المطلق، أو الاستعلاء المطلق .

" السماء ماهي الا ماكينة" ، هذه العبارة التي سمع صدى صوتها في  أذهان المستمعين، فالسماء ما هي إلا ماكينة وهذه الماكينة تتعالي علينا،  فالسماء فارغة، لكن البشر عقولهم مازالت تعمل، وتتخيل . وفي هذا النص اصبح البشر أرقام يعيشون تحت هذه السماء، أي الماكينة، وهم ملايين من البشر، بعضهم يعيش ويبني في هذه الأرض ولا ينسى، والملايين منهم يموتوا من دون أن يذكروا، الصراع هو صراع البقاء، وهنا البقاء ليس للأقوى بل للاذكى الاقوى، البقاء هو للمفاعل البشري  .
ومن الواضح حسب وجهة نظر المسرحية،  أن تاريخ التطور يسير نحو نهايته" تاريخ تطور الأديان، حتى بعد غياب الرب، وفي النهاية لا توجد سوى الماكينة " .

النص يعرض البشر على شكل أرقام، بعضها فعال، وبعضها الآخر يندثر مع الأجيال، للنص خط درامي، وخط آخر فلسفي، وهما يسيران في نفس الاتجاه، وبدأت المسرحية بالموت، وكانت المحاور والأقطاب كلها تتجمع حول فكرة الموت"هانيس"، حيث كان اللقاء بين الأصدقاء من أجل جنازة دفن "هانيس" . وهنا الموت والحقد والكراهية يلتقيان، الخوف من الموت يخلق في داخل الأنسان حالة من التمرد، فيخرج من قوقعة الأنظمة والقوانين والأديان التي فرضت عليه، ويبدأ برسم خطوط جديدة لحياته، تحت أنظمة قام بصنعها لنفسه، ومن خلالها خرج ليسيطر على أرقام موجودة في هذا العالم، تحتاج لأن تلتحق  بجماعات، فهي تعيش لتبحث عمن يقودها، وهو يعيش ليصنع نظام حياته ويقود البشر من خلاله  .

و في مرحلة ما تشعرك المسرحية بالفراغ الذي يعيش فيه البشر، مساحات فارغة تسير بك إلى طريق اللانهاية ، أو تبعثرك فتنقلك إلى دوامة، متاهات صنعها غيرك، ورسمها لك لتضيع فيها، فتغوض وتخاف الذهاب إلى طريق البداية، فتدور بك الأحداث لتعيش مع الانهاية، حيث لا ماضي فيها، والحاضر سرعان ما يصبح ماضياً والمستقبل في طريقه إلى النهاية .

لكن تأتي النهاية في المسرحية لترسم بداية جديدة، حيث الولادة التي تبشر بالبقاء، وهنا العبثية السوداء فالموت والولادة هم أصل الحياة.
 نحن بحاجة للغوص في تفاصيل المسرحية بشكل عميق، حيث الفلسفة تأخذك إلى أعماق البحر، وتبدأ وقتها الأمواج بتلاقف أفكارك، وعصفها، حتى تاخذك إلى شط الأمان، عندها ستكون قد قررت أن تغير رقمك، وربما تتحول لتصبح بدون رقم .

فالكاتب لمسرحية "مات هاملت، قوة الجاذبية معدومة" قد أهدا النص لمن ليس له رقم، فالمحاور تغير اتجاهها باستمرار .
والمسرحية تأليف إيفالد بالميتس هوفر، وقامت فوزية حسن بترجمتها . وقد تم عرض القراءات المسرحية لمجموعة" هوس" في مسرح الحرية في جنين، مسرح السرايا في يافا، في مخيم الدهيشة بيت لحم، في مركز خليل السكاكيني رام الله .








 * ملاحظة : تصوير ميس عاصي .



هناك تعليقان (2):

  1. الله يعطيهم العافية الشباب ... جداً قراءة جميلة .. وميس فعلاً انك رائعة في الوصف .. الله لا يحرمنى من قلمك

    ردحذف
  2. ميس انت بتشوفي الاشي بطريقة مختلفة .. لدرجة ان بتخلينا نعيش الاشي في كتابتك .. الممثلين انسهم ما باخذونا وين انت بتاخذينا .. يعطيك الف عافية ..

    ردحذف