Main topics

يونيو 09، 2011

المرأة الفلسطينية مواطن درجة ثانية في صناعة القرار

By Mustafa Hassona / flickr
 المرأة الفلسطينية وقفت وتقف في معارك النضال والمواجهة مع الاحتلال في الصفوف الاولى ، اما في العمل المؤسساتي فهي ما زالت تناضل لتكون في الصفوف الاولى ، بل ان صانع القرار يفكر الف مرة عند اختيار المرأة المسؤول ، واقع تعاني منه العشرات بل المئات من القيادات النسائية المشاركات في بناء مؤسسات الدولة الموعودة ،ما يعني ان المرأة ما زالت تقف على "ارض رخوة"  تفتقد لارساء قواعد الشراكة في صناعة القرار الوطني .
ان هذه القضية تثير العجب كما تثير الاستغراب ، فالمرأة الفلسطينية تمتلك كل مقومات الفعل والمؤهلات التي تؤهلها لتصبح " صانعة قرار" ، لا متلقية للقرارات ، في عملية البناء والتنمية المنشودة . حاولنا استقراء هذه الحقيقة ومحاولات التغيير في هذه المنظومة الذكورية المؤسساتية من خلال تجربة او ربما محاولة لاعطاء المرأة دورها في القيادة ، فمن يفكر بالذهاب الى دائرة الثقافة والاعلام في منظمة التحرير الفلسطينية ، يجد الغالبية العظمى من الفريق العامل هو من النساء الشابات واللواتي تخرجن من الجامعات الفلسطينية والعربية والاوروبية ومرشحات للحصول على المناصب القيادية في هذه الدائرة . ولعل المعادلة مختلفة سواء في باقي مؤسسات ودوائر منظمة التحرير التي تشكلت عام 1964 او في مؤسسات السلطة الوطنية ، التي انشئت وفقا لاستحقاقات اتفاقية اوسلو عام 1994 ، حيث ان الغلبة في هذه المؤسسات لمجتمع الرجال ، الامر الذي يعكس صورة نمطية للتوظيف تماثل الصورة النمطية الذكورية في كافة سياقات الحياة اليومية في المجتمع الفلسطيني ، فالمرأة الفلسطينية التي خاضت وتخوض معركة النضال الى جانب الرجل على مدى عقود من الزمن ، لم تعكس على الاقل صورة مختلفة، ما بعد ، قدوم السلطة الوطنية والبدء بانشاء مؤسسات الدولة ، فالمسؤول الاعلى يجب أن يكون رجلا او مسؤولا سياسيا او حزبيا ، فما هوالمختلف في هذه الدائرة الاعلامية الثقافية ، احدى دوائر منظمة التحرير الفلسطينية ، والتي ترأسها اليوم الدكتوره حنان عشراوي ، وتحاول مع فريق عملها المختار بعناية فائقة الى وضع استراتجية اعلامية ثقافية ، تساهم في ارساء خطاب اعلامي فلسطيني يتصدى ويرتقي لمستوى التحدي الذي يفرضه الخطاب الاعلامي الاسرائيلي ؟

تقول سمر عوض الله ، الحاصلة على بكالوريوس في الادب الانجليزي والفرنسي من جامعة الازهر في غزه ودبلوم في الاعلام من جامعة بيرزيت وام لولد وبنت " ان مجتمعنا الفلسطيني كباقي المجتمعات العربية ، "مجتمع ذكوري" ، الهيمنة فيه للرجال ، واقصاء للنساء ، لذلك تحاول الدكتوره حنان ليس من باب التمييز بين الرجل والمراة ، بل ان الهدف الاساس والمنشود هو في احداث توازن في المؤسسة المهنية ما بين الرجال والنساء ، وذلك من منطلق تفكير ممنهج يساهم في تطوير الكادر النسوي الشاب وانتاج كوادر نسوية تأخذ فرصتها وحقها في المشاركة السياسية والاجتماعية الى جانب الرجل " . وتضيف قائلة " تؤمن الدكتوره حنان ببناء شخصيات وقيادات نسوية مختارة من الجيل الشاب ، كون ان المستقبل للشباب كما ان الهدف الرئيس هو جعل " المرأة صانعة قرار" ، وهذ ما نفتقده في كافة مؤسساتنا ، التي تقوم على الشخص الواحد ، لا على روح الفريق ، الذي يحافظ على انتاجية المؤسسة ويطورها الى الامام .
سمر عوض الله ، مدير عام الاعلام في الدائرة ، تمتلك من المواصفات ما يؤهلها لان تكون من صانعات القرار كما هو الحال مع زميلتها داليا الحاصلة على ماجستير في القانون الدولي من جامعة السوربون في فرنسا عام 2010 ومارغريت حصري الحاصلة على ماجستير في الديمقراطية وحقوق الانسان من جامعة بيرزيت عاو2003 . تقول داليا التي يتركز عملها على اجراء المراجعات لكل القوانين والدساتير الدولية للتصدي للخروقات الاسرائيلية عبر المشاركات التي تقوم بها الدكتوره حنان في كافة المحافل الدولية والاوروبية " انها فرصة كبيرة ان تعمل مع شخصية قيادية مثل حنان عشراوي ، نحن نتعلم منها ونبني خبرات قانونية وسياسية وهذا بحد ذاته مكسبا لنا " .
اما مارغريت المتزوجة من الماني من اصل كندي والتي عملت لسنوات عدة في وكالة الغوث وجامعة القدس المفتوحة وسفارة فلسطين في المانيا لتعود بعدها الى ارض الوطن للعمل في مكتب الدكتوره حنان مديرا اداريا ، تقول : "لقد عملت في عدة مؤسسات مع مدراء رجال، وهذه أول تجربة عمل لي مع إمرأة، ولم أجد أي فرق في التعامل ما بين مدير رجل أو إمرأة، فهناك العديد من المواصفات للمدير الناجح، وهذه المواصفات لا تقتصر على الرجل، فالمرأة عنصر بشري فعال، وهي تشكل نصف المجتمع، وهي قادرة على العطاء والنجاح في العديد من المجالات مثلها مثل الرجل، فهناك العديد من النساء الوزيرات، والطبيبات والمحاميات، والسياسيات الناجحات، والمرأة موجودة في كل ركن من أركان الحياة، ويجب على المجتمع احترام قدراتها ومواهبها والعمل على مساعدتها لنيل غايتها، الأمر الذي لا ينعكس عليها شخصياً بل على نجاح المجتمع بشكل عام ونحن في فلسطين في أمس الحاجة لأي عنصر نجاح يؤدي إلى دعم قضيتنا ومساندتها".
وتستكمل، بأن الدكتورة عشراوي، تبذل كل ما في استطاعتها لتنمية قدرات فريقها، فهي تعمل دائماً على تشجيع الطاقم، وتحمل المسؤولية الكاملة لإنجاز مهمات معينة، الأمر الذي يولد الثقة في النفس والقدرة على العطاء والإنجاز، وهذا بدوره يولد قيادات شابة قادرة على الإسهام بشكل فعال في بناء المجتمع الفلسطيني ومؤسساته تمهيداً لبناء دولته . والدكتورة عشراوي ، تتعامل دائماً بثقة وحكمة واعتزاز بالذات، وحتى في ادق اللحظات واكثرها ضغطا في العمل ، فالتعامل معها يحكمه الاحترام والنظام وحسن الادارة والسياسة التي تخدم العمل وتوفر الراحة النفسية للموظفين ، ونحن لا نتحدث عن شخصية عادية نحن نتحدث عن حنان عشراوي التي لا تحتاج الى منصب بل المنصب الذي يحتاج اليها وبالتالي تحاول دائما ان تطبق قناعاتها وان تساند المرأة وتصلّب خطواتها في ارض ما زالت رخوة وتحتاج لعمل الكثير لتغيير كل ما هو نمطي وتقليدي وينظر للمرأة "مواطن من الدرجة الثانية" " .
وترى مارغريت بأن سبب تفوق النساء في المجتمعات الغربية وحصولهن على العديد من المناصب العليا هو الدعم والتعاون الكامل الذي يلقينه من قبل الرجل الغربي، "فهو داعم ومتعاون، ويتيح المجال والحيز الكافي للمرأة من أجل إثبات وجودها وظيفياً ومجتمعياً، وهنا فإنني أطالب الرجل العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص بأن يقوم بمثل هذا الدور الفعال في المجتمع، وأن يقوم بمساندة المرأة ودعمها لإيجاد الفرص الكافية من أجل تحقيق ذاتها ووجودها في المجتمع، وأن ينظر لها بأنها ليست عنصر منافس بل عنصر مكمل وداعم لوجوده وحياته وكيانه، والكف عن محاربة نجاحاتها وتطوراتها واستقلالها. فالمرأة الناجحة قادرة على خلق أجيال قادرة على البناء والعطاء بشكل مميز وفعال" .
ولا تلغي مارغريت وكذلك داليا وسمر ان هنالك نجاحات ملحوظة حققتها المرأة الفلسطينية مقارنة بالنساء في العالم العربي ، ودليل ذلك ، وجود شخصيات نسائية في مراكز صنع القرار ولكن من وجهة نظرهن ان الامر ينحصر في فئة محدودة للغاية وان المرأة ما زالت بحاجة للتمكين وتجذير قيم ومفاهيم ونظرة جديدة من صانع القرار الفلسطيني تطال القوانين المدنية حتى تساهم في تمكين المرأة وتلغي صورة "المرأة الضحية" ، بدليل موضوع القتل على خلفية الشرف وما شهده المجتمع الفلسطيني مؤخرا من جريمة نكراء ادت الى قتل الشابة آية ذرابعية على يد عمها ، الذي القى بها في بئر لم تخرج منه الا جثة محللة ، ما هزّ اركان المجتمع الفلسطيني باكمله ،وما دفع بالرئيس محمود عباس ، رئيس دولة فلسطين ، لتغيير مواد في القانون كانت تجيز هذا الفعل المشين .
وتؤكد سمر عوض الله التي تسعى اليوم الى وضع خطة اعلامية جديدة هدفها التنسيق مع كل وسائل الاعلام المحلية والرسمية لاعادة التعريف بمنظمة التحرير ودورها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني على " النظرة الذكورية " الأبوية " ، ما زالت موجودة حتى على مستوى القيادات السياسية ، فالمشوار امام المرأة ما زال طويلا ونحتاج لتغيير جذري في مكيانيزم القوانين كما ان على المرأة ان تثبت نفسها في كل المجالات حتى تنال حقوقها بكل جدارة وتحقق المساواة مع الرجل في كافة ميادين العمل بعيدا عن تلك النظرة الدونية . سمر وداليا ومارغريت يعربنَ عن تفاؤلهن في المستقبل وبالدور الموحد الذي يقمن به وخاصة ما يتعلق في وضع خطة اعلامية ثقافية جديدة الرؤية ،هدفها اعادة التعريف بدور واهمية ومكانة منظمة الحرير الفلسطينية للمجتمع المحلي والعربي والدولي هذه المنظمة التي تعد البيت المعنوي للشعب الفلسطيني ورمز من رموز هويته الوطنية واستطاعت عبر مسيرة كفاحها النضالي والدبلوماسي والسياسي ان تحوز على اعتراف كافة دول العالم باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني الى جانب القيام بالحملات الاعلامية المكثفة تقودها الدكتوره حنان عشراوي ، كان اولها كما تشرح سمر " الحملة الاعلامية الخاصة بالاستيطان وحملة استحقاق الدولة لتفنييد اكاذيب الحكومة الاسرائيلية وخاصة ما بعد المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية ، وموقف الاسرائيليين من حركة حماس باعتبارها على حد وصفهم حركة ارهابية ، وبناء عليه فهي طرف غير شريك في عملية السلام ما يلزم منا التوجه بالخطابات والمذكرات والوثائق والدراسات والبيانات لكافة مؤسسات المجتمع الدولي وعلى راسها المنظمات التابعة للامم المتحدة ولللاتحاد الاوروبي وللمنظات غير الحكومية الى جانب مخطابات للبعثات للمؤسسات العربية والاقليمية بما فيها البعثات والسفارات العربية والفلسطينية.
وتشير سمر منوهة الى ان ما تقوم به دائرة الثقافة والاعلام في المنظمة ووفقا لتوجيهات الدكتوره حنان أنه يجب أن يكون بعيدا عن المبالغة ويعتمد على الحقائق والمصداقية الكاملة ، وتقول " باختصار خطابنا هو خطاب سياسي قانوني دولي" . وتعرب سمر عن أسفه لعدم توفر الميزانيات والتمويل الكافي حيث ان الصندوق القومي الفلسطيني ، الذي من مهامه تغطية نشاطات وفعاليات المؤسسات التابعة له ، يعاني من أزمة مالية قائلة " لدينا الكثير لفعله ولكن للاسف عدم توفر الاموال ، يجعلنا قاصرين عن تنفيذ ما نطمح اليه من برامج واجندات سواء على مستوى الاعلام المحلي او العربي او العالمي وتحديدا لمواجهة لعبة الاعلام الاسرائيلي ، الذي نجح في تسويق روايته حتى وهو يقتل ويبطش ويدمر ويحاصر شعبنا الفلسطيني في الضفة وغزة ". وتضيف نحن نعمل في بيئة غير متكافئة مع الاعلام الاسرائيلي، الذي تضخ في شرايين آلته الاعلامية الضخمة وخاصة على المستوى الخارجي ، علما ان قضيتنا قضية حق ، ونستطيع كسب الراي العام العالمي عبر تفنييد الرواية الاسرائيلية المضللة لان الحرب بلغة العصر اليوم هي حرب اعلامية دبلوماسية تفاوضية .

وقبل ان اختتم حديثي مع سمر، الذي تشعب في الكثير من المواضيع السياسية من المصالحة الفلسطينية الى استحقاق الدولة الى دور حركة حماس وتأثيرها القادم ما بعد المصالحة على المنطقة ، وما يعصف بالعالم العربي من متغيرات تؤشر الى ربيع جديد ونهضة جديدة ، فاذا بالدكتوره حنان عشراوي تدخل المكتب لتسأل مارغريت عن تأكيدها للحجز للسفر في جولة عملها القادمة ، اغتنمت الفرصة وطرحت سؤالا سريعا على الدكتوره حنان عن سبب اختيار معظم فريق عملها من النساء ، فأجابت وبشكل عفوي " طاقم العمل لم يكتمل بعد ولكن لو تقدم لي رجل يمتلك الكفاءة وتقدمت امرأة تمتلك ذات الكفاءة ، اختار للمنصب امرأة دون اي تردد انظلاقا من ضرورة تمكين المرأة واعطائها الفرصة ، والمرأة الفلسطينية قادرة على ان تكون صانعة قرار " . ولعل السؤال الذي بقي عالقا ولم نجب عليه جميعا ماذا ما بعد دخول حماس الى منظمة التحرير هل الصورة ستبقى كما هي ؟!

هناك تعليق واحد:

  1. ما كل هذه النساء القياديات عزيزتي الا دليل على ان المرأة الفلسطينية قادرة على تبؤو اعلى المناصب واهمها

    ردحذف