Main topics

ديسمبر 09، 2011

المحققون الاسرائيليون يغتصبون الاطفال الأسرى بأدوات التعذيب


صورة الطفل علي ابو غوش محاط بجنود الاحتلال الاسرائيلي
 
ينقلب وجه السماء بشكل شبه يومي في مدينة العيسوية، احدى ضواحي مدينة القدس المحتلة، فما أن تقترب ساعات الغروب، تعلو أصوات الرصاص الحي وطلقات الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيلة للدموع تطلقها قوات الجيش الاسرائيلي المدعومة بقوات من وحدات المستعربين، التي من أبرز مهامها نصب الكمائن للشباب والاطفال الفلسطينيين، بهدف الاعتقال.


في تمام الساعة السابعة مساء، يوم الخامس والعشرين من شهر حزيران الماضي، السيناريو يتكرر ، قوات من المستعربين والجيش الاسرائيلي تقتحم ، وكالمعتاد ، البلدة من مدخلها الرئيس ، وفي ذلك الركن المطل على الشارع الرئيس وتحديدا بالقرب من احد صالونات الحلاقة للرجال ، كان يقف الطفل علي أبو غوش ، 15 عاما ، يشاهد ما يجري من مواجهات بين الجيش وشباب البلدة ، وفجأة ، تدخل سيارة خاصة بحمل الخضراوات واخرى خاصة بشركة الاتصالات الاسرائيلية "بيزك" ، حيث كان يستقلها مجموعة من المستعربين ، المدججين بالسلاح والهراوات وما هي الا لحظات ، قبضات أيدي تهوي على رأسه وتلوي عنقه ، يحس باختناق في حلقه   فاللقمة الاخيرة التي كان يحاول ابتلاعها من "ساندوش" ، كان يتناوله يقول الطفل علي "  تحول الى حجر في "زوري" ، "حاولت المقاومة والافلات ، فاذا بأحد المستعربين يوجه بكعب البندقية  الى عيني اليمنى ضربة شديدة ويجرني من رقبتي لدرجة فقدت معها الوعي ، لم استفق الا وانا في سيارة " بيزك " .
ويواصل الطفل علي رواية ما جرى معه في ذلك اليوم فيقول " وفي السيارة بدأ الجنود مع المستعربين بضربي بايديهم وارجلهم ، وتوجيه الشتائم والالفاظ البذئية ، وكاد " زوري " ، أن ينفجر ، فاخرجت اللقمة من فمي فنظر الي احد الجنود وصاح بصوت عال " ما هذا ، هذا حجر ، فصحت به " هذه "خبزة  ، اتطلع هذه خبزة" ، فرد علي " والله لنسوي فيكم ونعمل يا اولاد ... الكذا والكذا" ، شتائم طالت الام والاب وكل شروش العائلة ، الاحياء منهم والاموات ، واحد الجنود قال لي انا علشان ضاعت نظارتي عندكم خذ هذه ، فقام بتوجيه البوكسات لوجهي بشكل متواصل " ، هكذا يصف الطفل علي أبو غوش لحظات اعتقاله الاولى على ايدي المستعربين الملثمي الوجوه والجيش الاسرائيلي .

ويضيف " منعت نفسي من البكاء ، علما بأنني كنت في حالة خوف شديد ، وتعب نفسي وجسدي ، وتذكرت في تلك اللحظة والدتي فتألمت اكثر ، ولكن خاطبت نفسي بعبارة " كن الان رجلا ".
بهذه الكلمات خاطب علي ، الذي انهى الصف العاشر ويستعد للصف الحادي عشر في مدرسة المطران ، ويداوم على ممارسة الرياضة وخاصة في كمال الاجسام في النادي الرياضي في العيسوية ، منوها الى أن المستعربين والجنود الاسرائيليين يطبقون سياسة تتنافى مع كل شرائع حقوق الانسان والطفولة ، سياسة خطف الاطفال من الشارع ووضعهم في ظروف اعتقالية سيئة .
علي هو واحد من عشرات الشبان والاطفال ، الذين يتم اعتقالهم يوميا في مدينة العيسوية والطور وسلوان  على ايدي المستعربين والجيش الاسرائيلي ويتعرضون للتنكيل والضرب الوحشي .
يقول علي الذي تم اعتقاله مع الطفل احمد محيسن ، 16 عاما " ان ما يجري على ايدي جيش الاحتلال يفوق الوصف ، انهم يريدوننا عاجزين مشوهين ، وعندما تقف بين يدي القضاة الاسرائيليين ، يتهمنا الجيش وبشهادة المستعربين ، بأننا نحن من ضربنا انفسنا ، ونحن من شكَلنا خطرا على حياتهم بل نحن نشكل خطرا على ما تسمى دولة اسرائيل ، ولا بد من توجيه لوائح اتهام للمحاكمة ولائحة الاتهام الاولية التي وجهت لي " ضرب الحجارة والتصدي لسيارات الجيش والشرطة ومنعها من التقدم ، انهم يعدون لوائح الاتهام المَزورة والشهود المزورين من المستعربين والشرطة ".

وفعلا ما جرى مع علي ابو غوش هو صورة نموذجية لما يجري مع كل الاطفال الفلسطينيين حيث الاعتقال ودفع الغرامات المالية التي  تتراوح بين 3000 شيقل الى 6000 الاف شيقل ، اضافة الى تطبيق سياسة الإبعاد والحبس البيتي بعيدا عن الاهل ، الذي قد يستمر احيانا بحق  اطفال لسنوات دون اجراء اية محاكمة .
يعلق الفتى علي قائلا " منذ تاريخ اعتقالي ، تم تمديد الحبس البيتي في منزل العائلة في البلدة القديمة في القدس للمرة الثانية ، وتأجيل محاكمتي لما بعد فترة شهر رمضان وعيد الفطر المبارك، وبرأيي أن الحبس البيتي اكثر قسوة من الحبس الاعتيادي ، ففي السجن يعرف الانسان انه  هناك " سجن وسجان " ، اما ان تحبس نفسك بنفسك فهذا ما يتطلب ارادة عالية ومعنويات ، وانا في الليل اتذكر سريري ومخدتي وحيطان الدار وهواء البيت واالعابي والكمبيوتر وحضن امي" .
يشيد الطفل علي بالمؤسسات الوطنية الخاصة بالاسرى وبدورها الفاعل تجاه قضايا الاسرى الاطفال في القدس ، ولكن يرى ان الاطفال الاسرى يحتاجون اضافة للمتابعات القضائية ، المتابعات الانسانية الوجدانية وخاصة لمن يمضى فترات اعتقال حبس بيتي طويل ، مقترحا العمل على ترتيب زيارات بيتية للطفل الاسير من قبل مؤسسات المجتمع المدني وعمل فعاليات ونشاطات تضامنية " فالاسير يحتاج نعم لمحامي ولكن يحتاج لحضن المجتمع ويحتاج لأن يعرف بانه ما زال على قيد الحياة " .

ويتابع وفي نظراته مزيج من الخوف والخجل وبفرك يديه والنظر الى الارض فيقول " هل تعلمين وتعلم وزارة الاسرى وكل مؤسسات حقوق الاطفال، ان هناك طفل من العيسوية عمره ربما 14 عاما تم اغتصابه بواسطة " عصا " ، هل يوجد اكثر وحشية لما يجري بحق الاطفال ، لم اصدق مثلك في البداية ، ولكن قال لي وهو يخلع بنطاله في معتقل  المسكوبية الذي امضيت به ليلتين ، امام عدد من الاطفال الفلسطينيين المعتقلين من العيسوية وسلوان وراس العامود " انظر انظر لقد حشوا العصا الكهربائية هنا ، انا لا استطيع حتى الذهاب الى الحمام .
 ويغطي على عينيه وكأنه يستحضر المشهد امامه " لا يمكن ان انسى تلك الفتحة التي احدثوها لهذا الطفل في خلفيته ، انها قمة الوحشية والبربرية. ولن انسى لحظة اعتقالي وكيف تم ضربي ، وسيناريوهات المحاكمات والابعاد عن اسرتي ورفضهم أخذي للطبيب للعلاج ، ان المحققيين الاسرائيليين يتفننون في تعذيب الاظفال وممارسة احقر الاساليب لانتزاع الاعترافات منهم " ، ويقول يجب عمل دورات  بين الاطفال وطلبة المدارس ، لتوعيتهم لما يجري من الاعيب على ايدي المحققيين الاسرائيليين .

هذه هي قصة الأسير الطفل علي أبوغوش الذي يعتقل لأول مرة بتهمة القاء الحجارة ، وينتظر موعد محاكمته ، يضاف اليوم الى قائمة الاسرى الاطفال الطويلة ، التي قدرت بحوالي 7500 طفل او يزيد تم اعتقالهم منذ العام 2000 ومثلوا امام المحاكم الاسرائيلية وتم تغريمهم بالاف الشواقل ، وفقا للتقرير الصادر مؤخرا عن الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال / فرع فلسطين الى الامم المتحدة .  هذه المحاكم التي تفتقر للمعايير الدنيا لشروط المحاكمات العادلة ، ولا تحرك ساكنا ازاء تقديم حتى العلاج لهؤلاء الاطفال الذين يتعرضون لاسوأ سياسة تعذيب في أقبية التحقيق .




لمزيد من المعلومات:

هناك تعليقان (2):

  1. شكرا لتقريرك الذي يكشف عن التنكيل الذي يتعرض له هؤلاء الأطفال ويجردهم من برائتهم

    ردحذف
  2. اين حقوق الطفل والجهات المختصة ...فعلاً كما ذُكر اليوم في الاخبار نحن شعب ليس له وطن فلم يعد يعترف بوجودنا فهل سيعترف بحقوقنا التي دُنست في التراب ..

    ردحذف