Main topics

ديسمبر 12، 2011

أم شامخ... تشك الخرز لتعليم أبنائها

أم شامخ أثناء تطريزها لقطعة قماش /إكرام أبوعيشة

تجلس ميسر أبو دية في زاوية  إحدى الغرف في منزلها الصغير، بعد الانتهاء من أعمالها المنزلية، وتنهمك في شك الخرز، الذي تنتج منه أشكالاً مختلفة كالمحافظ والمسابح والشراشف، وتبيعها في المحلات المعنية بمثل هذه البضاعة؛ لتوفر من أرباح تجارتها الصغيرة ما يساعدها على إعالة زوجها في توفير تكاليف الدراسة لأبنائها السبعة. 


أم شامخ وهي تشك الخرز
تصوير إكرام أبوعيشة
تنتقل أنامل أم شامخ بسرعة رتيبة فوق الخرز والخيطان، فكل خرزة تشكها تعطيها أملاً بأن ترى بناتها الأربعة، وأولادها الثلاثة وقد أنهوا دراستهم الجامعية. تقول ميسر: "زوجي عامل بناء والأجر الذي يتقاضاه لا يكفي إلا لتوفير حاجاتنا الرئيسة، و إبني الكبير منشغل في دراسته الجامعية، ولا أريده أن يعمل كي يبقى متفوقا بدراسته؛ لذلك أعمل في شك الخرز وأحيانا ً التطريز، لتوفير جزء من تكاليف الدراسة لأبنائي". 
وتضيف: "إبنتي الكبرى عبلة تدرس القانون، وتحتاج لأقساط عالية بكل فصل دراسي، بالإضافة إلى تكاليف المواصلات المرتفعة، فنحن نقيم في قرية الجيب التي تقع إلى الشمال الغربي من مدينة القدس، وهي بعيدة عن مركز المدينة نوعا ما". 


وتمنح ألوان الخرز المختلفة الذي تشكه عبلة أثناء مساعدتها لأمها حلما بغد أفضل، ترى فيه نفسها وقد تخرجت من الجامعة بتفوق، وحصلت على عمل يمكنها من مساعدة والديها في تدريس بقية إخوتها كنوع من رد الجميل، سيما وأن أنصار شقيقة عبلة لم تسجل حتى اللحظة في الجامعة رغم اجتيازها لمرحلة الثانوية العامة بنجاح؛ بسبب عدم توفر القسط الذي يمكنها من دراسة التمريض كما تطمح.

زاوية تضم مجموعة من المطرزات أعدتها أم شامخ بمساعدة بناتها
تصوير إكرام أبوعيشة
 وتصر عبلة على أنها بمثابرتها، ومساعدتها لأمها أثناء عملها ستصل يوماً إلى ما تطمح إليه، وتضيف: "أنا في سنتي الدراسية الأولى، وسأتمكن من إنهائها بتفوق إن شاء الله، كي أحصل على إعفاء من تكاليف الدراسة من قبل الجامعة، وحينها ستتمكن أنصار من الالتحاق بالجامعة". 


  
وترى أنصار أن مساعدتها لأمها هي وشقيقاتها بهذه المرحلة أمراً هاماً جداً، بل وواجب على كل واحدة منهن، تقول أنصار: "تعلمت من أمي كيفية العمل بشكل سريع، وأخذت أواظب على مساعدتها بعد إنهائي لمرحلة الثانوية العامة، فقد يمكنني ذلك يوماً ما من إتمام دراستي الجامعية، فحلمي بأن أكون ممرضة سيتحقق في احد الأيام، وحتما سيكون الفضل بذلك لأمي أولاً التي علمتني شك الخرز والتطريز". 

أشكال صنعتها أم شامخ من الخرز بمساعدة بناتها
تصوير إكرام أبوعيشة

 وتعلمت أم شامخ التطريز وشك الخرز دون معلم، فعند النظر إلى بعض القطع المعلقة في بيت صديقتها، خطر لها أن تشتري المواد اللازمة من خيوط وقطع قماش، وخرز لتباشر عملها، وتبتكر أشكالاً مختلفة بالخرز والتطريز تشبه اللوحات الفسيفسائية، وبالرغم من أنها تجد صعوبة في تسويق منتجاتها إلا أنها تواصل عملها بشكل دؤوب، ولا ترى فيه أمراً متعباً، مقابل أن ترى أبناءها وقد حقق كل منهم ما يطمح إليه. فأم شامخ تؤكد أن التعليم مهم للفتاة كما هو مهم للشاب، وترى أن الكفاح من أجل التعليم هو أحد أهم انواع المقاومة بالنسبة للشعب الفلسطيني، الذي يعاني من الاحتلال الإسرائيلي، معتبرة العلم سلاحاً مهماً لمقاومة العدو. 

الطموح لا تحد من شموخه الظروف، عبارة تضعها ميسر نصب عينيها لتواصل عملها في حرفة التطريز وشك الخرز، فالأمر وإن كان يستنزف طاقاتها إلا أنها تراه شيئا بسيطا أمام التضحيات المقدمة من قبل غيرها من الأمهات الفلسطينيات، اللواتي يبذلن جهودا وان اختلفت في مضمونها إلا أنها تجتمع على نفس الهدف، وهو تعليم أبنائهن، فإنهاء المرحلة الجامعية لا بد منه لكل شاب فلسطيني يحمل في مخيلته طموح شعب مكلل بالحرية والاستقلال والعيش بكرامة بعيدا عن عنجهية المحتل الاسرائيلي.

* أخذت الصور بواسطة إكرام ابو عيشة

هناك تعليقان (2):

  1. جميل يا إكرام!
    مضمون التدوينة جميل كما أن وصفك رائع
    بالتوفيق لام شامخ :)

    ردحذف
  2. تسلمي أمون أنا كمان بتمنى الوفيق للمرأة الفلسطينية العاملة :)

    ردحذف