Main topics

فبراير 21، 2012

"لا تعتذر لفتاة" !

امرأة تغلق فمها/ المجلة

الشوارع في مدينتنا تكتظ بالناس دائما، أشخاص يعبرون الطريق سريعا، البعض يحب الانتظار والوقوف ليتفرج على العابرين، واشخاص آخرون يقفون ليس للنظر فقط، بل لإلقاء تعليقاتهم "الظريفة" على المارين. يقف الشاب  مع اصدقاءه، منتظرا صيده الوفير، فتاة أي فتاة تعبر الطريق من جانبه ليلقي عليها حواسه كلها، عيناه تنظر اليها لتعريها من ثيابها، وشفتاه تبدأ في العب لتقذف كلام مثل " يلعن عمري، تمشي ع رمشي" .

وانا كنت احدى العابرات من هذا الشارع لسوء حظ الشاب، وإذ به يقول " وين الحلو رايح، بينفع اجي؟". 
طبعا يحدث هذا معه دوما، ربما يتكلم مع نصف الفتيات العابرات في الشارع، ومن الطبيعي والمحبب في نظر المجتمع ان تكمل الفتاة طريقها دون ان تتكلم حرصا على عدم حدوث مشكلة تسيء لسمعة الفتاة أولا، فإذا ردت الكلام في وجهه معبرةً عن استياءها ستكون "قليلة أدب" وهي التي حرّضت الشاب ان يتحرش بها كلاميا. واذ بي أخرج عن ما هو اعتيادي وأجيبه "اخرس" ، لكنه يأخذ ردي فرصة ليقذف الشتائم الى وجهي  "خُشي في .." فانظر اليه عله يخفض نظره ويخجل مما قاله لكنه ينظر الي ويقول: " نعم انتِ".
كان يتوقع ان أُخفض نظري واكمل طريقي كأني لم اسمعه، لأنه يتوجب عليّ أن أدرك مسبقا أني أدخل في معركة لا بد خاسرة، كنت اود ان أحقق مرأبه وأنسى، فهذا بكل الأحوال ليس أول تعليق اسمعه وأغض السمع. لكني عندما نظرت في عينيه احسست انه يتحداني ويقيدني ويشعرني باني ضعيفة لا حول لي ولا قوة، من دون اي ادراك او وعي لأي عواقب عدتُ اليه ووقفت في وجهه وقلت :" بتحكي معي انا، متأكد؟؟". كنت أحاول جره ليتراجع عما قاله دون ضجة، لكنه اكد ما قاله دون خوف، فما كان لي الا أن رفعتُ يدي وضربته، كانت يداي ترتجفان فقد كنت انا واختي الصغيرة التي سرعان ما سحبتني من امامه كي لا يضربني.
كاريكتير يطلب من المرأة الصمت\ أمان .
لفتُ انتباه الشارع بهذه الحركة، لكن بعض الشباب الذين رأوا الحدث قالوا كواعظين " روحي يا أختي ولا تعملي مشكلة". حينها شعرتُ اني وحيدة فعلاً، وفجأة ظهر الشرطي من حيث لا أدري، فاستبشرتُ به خيرا، لم اكن اشعر بالخجل بل كنت فقط خائفة بطريقة مضحكة، قلت للشرطي ما حدث، وطلبتُ من الشاب ان يعتذر لي، لكنه رفض، والمضحك والمؤلم ايضا ان الشرطي نفسه اخذني جانبا، وقال مستسمحا: " مستحيل الشاب يعتذر لبنت قدام كل الشباب، مش حلوة بحقه".
        
"مش حلوة بحقه" هو عنده كرامة ومشاعر يجب ان لا تهتز امام الرجال الآخرين، فهو ذكر بين ذكور، اما انا فمجرد فتاة عابرة في الطريق عليها ان تغلق اذنيها وتمشي مستقيمة دون ان تهتم لاحد، دون أي حواس، عمياء، صمّاء، خرساء، مجردة من أي احساس، حتى احساسها بالإهانة، حتى وإن سمعت كلاما مشينا، يجب ألا تنسى أنه رجل وكلهم رجالويشعرون به ويقدرون موقفه جيدا، مصيبة ان يعتذر لفتاة، وآسفاه لك يا رجل، تعتذر لفتاة!! 
انتقاص لرجولته المصونة ان يعتذر لفتاة، لكن من الطبيعي ان يتحرش بها فهو شاب ولا كل الشباب. من المسؤول عن هذه الثقافة التي تبتلعنا في غيّها ؟ وهل كان علي انا ألوم هذا الشاب الذي لا يعي ما يفعله، بل هو فعل اعتيادي، وقد صوّرَ له عقله ان الفتاة دائما ضعيفة ولا يمكنها الدفاع عن نفسها، وهذه ثقافة مجتمعه؟.
كنت اعلم انني اعيش في مجتمع ذكوري لكني لم أكن اعي الى اي مدى، هل يمكن أن اكون قد كسرت شيء من هذه الذكورية المغرورة؟ لا أدري ولكني لا اقبل ان يشتمني احد ولا يعتذر حتى لو كان ذكرا، وهذا ما فعله الشاب " متأسف يا اختي" قال لي اختي، لكن لا اظن انه نظر الي كأخت فقد شتمني اولاً ثم رفض ان يعتذر خوفاً من جرح كبرياءه. ما عدتُ اعلم اين تكمن المشكلة فينا نحن الفتيات حيث اعتدنا الخضوع وعودناهم عليه ؟! ام انه فعلا مجتمع ذكوري قادر على التحكم فينا والسيطرة علينا واخضاعنا الى رغباته كيفما شاء ؟!



*الصورة الاولى من موقع مجلة .
*الصورة الثانية من موقع أمان .

هناك 8 تعليقات:

  1. غلب بستيرة ولا غلب بفضيحة هيك ربونا ... بس انت جدعة يمكن تكون رمز لتغير جيل بحالو لعدم الخضوع لثقافة سلبية سائدة ثقافة ذل وخضوع وخنوع ... ياريت دائما ما نسكت علي بصير فينا ولو على شي بسيط عشان نعلمهم ان احنا كمان بشر مش جواري ولا عبيد ولا مجرد ... لا ادري ماذا يمكنني ان اسمي هؤلاء النساء الواتي يرضخن للغلب ويقبلن الذل ويربن اجيال كاملة على هذا ... الى متى الصمت ؟؟
    ومتى سنخرج عن هذا الصمت

    ردحذف
  2. يا شرطتنا يا عزيزة هل وجودك هو من اجل حماية الضعفاء ام لدعم ثقافة العيب ؟!
    انت وين بزبط ؟؟

    ردحذف
  3. بهنيكي انك اخذتي حقك بإيدك وورجيتي هالتافه مستواه لانه الواحد بنربط من لسانه.. وبعدين وينك يا شرطتنا المحترمة وين تطبيق القانون يا بطة؟! وين تطبيق عقوبة التحرش في الطرقات؟!

    ردحذف
  4. فعلا الشرطة الي كان لازم توقف الاشي بتفاجئ ان بحكيلي المفروض ما عملت كل هاي الضجة .. وما شجعني ابدا على ان اقوم برفع شكوة علي .. بضل رجل برضو ..
    شكرا اصدقائي

    ردحذف
  5. الذكورية حالة سلطوية اجت من فوق لتحت و أحد أدوات السلطة هي.. الشرطة! لهيك ما تتوقعي انو حد منهم يجيبلك حقك بهاي السهولة عبر الشرطة بهيك موضوع "بسيط" أو بمعنى آخر خارج عن صلاحيات الشرطي اللي بنفذ تعليمات السلطوية المتنفذة بالمجتمع.
    الموضوع أكبر من كبرياء ذكر! الموضوع مفهوم سلطة..

    ردحذف
  6. نعم صحيح سلطة ذكورية ... ما تنسى ان الخضوع من قبل الاناث بدعمهم وبقويهم على ان يفرض سلطتهم الذكورية بشكل اكبر واقوى .. لذلك اذا كنا بدنا نكسر هاي السلطة الذكورية لازم نبلش من جوانا ومن انفسنا احنا كإناث ..

    ردحذف
  7. يا ريت كل واحدة يتتعرض للتحرش او العنف بالشارع سواء كان جسدي او لفظي تتجرأ وتتحدث عما جرى معها من مينٍ كان و تواجه المشكلة بجرأة.
    و يا ريت الشباب يتعودو يشوفنا اخوات و اميات و زوجات وبالتالي يحترمي وجودنا الى جانبهم في كل مكان بالشارع او المدرسة او الجامعة او المصنع كما نكون معهم بالبيت

    ردحذف
  8. الدنيا بدها تكون واحد نذل عشان تقدر تعيش فيها .. وانا بلوم البنت في هذا الموضوع لان هي دائما بتسكت عن حقها بغض النظر مين عودها على هيك

    ردحذف