يتزايد عدد الأجانب القادمين الى الأراضي الفلسطينية في كل عام، سواء كانوا متطوعين او مقيمين، حيث
تختلف أسباب وجودهم في هذا المكان، فمنهم من يأتي للعمل والسكن في فلسطين، والبعض
الآخر يأتي للتطوع في مختلف المجالات، إحدى أهمها
مساندة الشعب الفلسطيني ومناصرته لتحقيق العدل الذي تستحقه القضية الفلسطينية، عن طريق المشاركة في المسيرات والنضال السلمي وتغيير
الصورة الإعلامية السائدة في الغرب بأن المواطن الفلسطيني "إرهابي" .
وفي بعض المقابلات في الشارع الفلسطيني كان الجدل واضحا في قبول أو رفض وجود الأجنبي في
بلده. رمزي حسان طالب في أكاديمية الدراما قال " يعتمد هذا على سبب المجيء، فإذا كان للتضامن أهلًا وسهلًا أما إن كان الهدف إيجاد فرص عمل فنحن أولى بها!". ويضيف
" منهم من يأتي لينقل صورة خاطئة عنا، إحدى الأجنبيات التي قدمت الى
فلسطين كتبت تقريرا عن الشباب الفلسطيني
بأن لا عمل سوى اللحاق بالأجنبيات والتحركش فيهن، وهذا قول غير دقيق، فهذه
الظاهرة ليس حكرا على الشعب الفلسطيني".
ولم
يكن هذا رأي رمزي وحده، فقد أكدت شمس عاصي قوله بطريقة أخرى " انا لست ضد وجودهم هنا بيد أني أرفض عملهم وتملكهم لفرص العمل التي يمكن للشباب الفلسطيني القيام
بها، فما الحاجة لهم؟ ولست ألوم بذلك الأجانب فقط بل كل المؤسسات التي تقوم
باستضافتهم وتوفير لهم فرص العمل والراتب الشهري ومنزل في وسط البلد. أما بالنسبة
للشباب الفلسطيني فيقضي عمره متطوعًا في هذه المؤسسات، وإذا طلب راتب يستبدل به شخص آخر. برأيي علينا ان نحدد سبب
وجودهم هنا، فهناك وظائف يمكن للمواطن الفسطيني القيام بها، أما بالنسبة للوظائف
الأخرى غير المتوفرة فليس من المانع ان يعمل فيها ولكن يجب ان يعامل كما
يعامل الموظف الفلسطيني فهو ليس افضل منه " .
كما
وأبدى المواطن زاهر الريماوي قلقه وخوفه الشديد من وجود الأجانب هنا " إن وجود الأجانب في فلسطين يغير من ثقافتنا السائدة، ويؤثر سلبًا على العادات اليومية للشباب الفلسطيني، فتراهم ينشغلون في السهر والحفلات والأجواء الصاخبة، وبالطبع هذا ليس من عاداتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها، وأرى أن وجودهم هنا له سسب سياسي، من شأنه أن يدمر شبابنا وان يشغله بتوافه الأمور
التي تساهم في التراجع لا التقدم ".
لم
ينحصر رأي الشارع الفلسطيني على رفضهم لوجود الأجانب، إذ أن عدد كبير من المواطنين أيد
وجودهم وهدفه. ففي مقابلة مع الشاب معالي خالد الذي يعمل كبائع كوزمتكس في
رام الله قال " وجودهم له سلبياته وايجابياته، لكن بإعتقادي فإن هدفهم الإيجابي يسود، لانهم يوضحون الصورة الإعلامية التي يتم نشرها بالعالم أجمع، كما أنهم يهتمون بالشباب الفلسطيني ويسعون للوقوف بجانبهم ومساعدتهم في شتى المجالات وتوفير
لهم الأنشطة التي تعزز قدراتهم فكريا وجسديا، كما وأنهم يهتمون بالتراث الفلسطيني ويعيدون إحيائه، ويقومون
بزيارة أماكن، أنا لم أكن أعلم بوجودها، ويدعمون الحملات الشعبية مثل حملة
مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وبنظري هناك انتماء في عملهم أقوى من انتمائنا، ففي حملة المقاطعة على سبيل المثال أرى أن عدد الأجانب في ازديادٍ دائم بعكس تواجد المواطن الفلسطيني
الذي لا يدرك او يفهم او يدعم قضيته مثلما يفعل الأجنبي! ".
وقد أكد شباب من جامعة أبو ديس قول معالي، حيث يرون أن وجود الأجانب هنا ليس
له اي سلبية إذ أنهم يقومون بدعم المواطن والقضية الفلسطينية بشكل عام ويحاولون
دائما تغيير النظرة السائدة عن المواطن الفلسطيني".
وعندما
تطرقنا لسؤال بعض المتضامنين الأجانب عن رأيهم بالشعب الفلسطيني ومدى انسجامهم
معه، قالت الأجنبية مادلين من ايطاليا " انا أحب الشعب الفلسطيني لأنه شعب بسيط يحب الحياة، وأحب أن أعيش بينهم لطيبتهم وكرمهم وقلوبهم النقية، وأدرك أنه من الصعب أن يتقبلوا وجودنا بسرعة وبعضهم يعتقد أنّا هنا لنحوز على مصادر عيشهم".
كما
وقال الأمريكي جيسون الذي يعمل في الكمنجاتي كاستاذ موسيقى " أريد أن أعيش في فلسطين، الناس هنا جيدون وكرماء ويتعاملون بلطف واحترام، أسعى الى تغيير الصورة السيئة التي يعتقدها البعض عن الفلسطينيين بأنهم ارهابيين".
وفي سؤالنا لدانيلي سبادا من ايطاليا -أحد الأجانب المقيمين في فلسطين منذ 3 سنوات- عن أكثر الأشياء التي تشعرك بالضيق في فلسطين قال " أكثر ما يضايقني فعلا هو أني كأجنبي لدي الحق في زيارة فلسطين كاملةً وهذا ما لا يستطيع فعله المواطن الفلسطيني المقيّد".
وقد أكد الاستاذ هشام جمجوم منسق حركة التضامن الدولية على وجوب تعاون المواطن
الفلسطيني مع المتضامنين الأجانب بشكل عام: " إن هذا المواطن الأجنبي
القادم من الخارج يلاقي العديد من الصعوبات والتحديات قبل وصوله الى فلسطين، فمجرد
وصوله مطار اللد يبدأ بالمعاناة، حيث يتم حجزه أكثر من ثلاث ساعات والتحقيق المكثف معه، عن سبب وجوده ومكان إقامته ووقت مغادرته.كل هذه الاسئلة
وغيرها يتم طرحها على هذا المتضامن الذي لا غرض من دخوله الى هنا سوى التضامن مع شعب يؤمن بعدالة قضيته وحريته ويريد ان يساعده بشتى الطرق".
وعندما
سألناه عن رأيه في تواجد المتضامنين او المقيمين هنا وما الآثار السلبية والإيجابية التي تترتب عليها إقامتهم قال "
كلا النوعين عبارة عن متضامنين، سواء كانوا مقيمين او مجرد زائرين، ولا أرى أن هناك سلبية لوجودهم، حيث أنهم يقومون بنقل الصورة الإيجابية للشعب الفلسطيني بأنه شعب يحب الحياة
ويريد الحياة وليس شعب إرهابي وإنما مجرد شعب
يحاول الدفاع عن وطنه وشرفه، لذلك من واجبنا نحن كحركة تضامن دولية ان ندعمهم
ونساعدهم فهم قادمون الى هنا على نفقاتهم الخاصة وعاتقهم الشخصي، فمن واجبنا ان نوفر لهم مسكنًا على الأقل، وهم يدركون انه ليس من السهل بل من الخطر جدا عليهم المشاركة
بالمسيرات الشعبية التي من الممكن أن تعرضهم لخطر الموت، وقد فقدنا نحن في حركة التضامن
الدولية ثلاثة اجانب في المسيرات، هذا بالإضافة الى الأجانب الذين يصابون بالجراح
ويتم نقلهم الى المستشفى".
ويضيف"وقبل
ان نسمح لأي اجنبي او أجنبية بالنزول الى الميدان والإختلاط بالشارع والشعب
الفلسطيني نقوم بتدريبهم وإطلاعهم على كل المقاييس والمعايير المتعارفة والثقافة
الفلسطينية التي يجب عليهم ان يلتزموا بها من ملابس ومشروب وألفاظ، وهم حقيقة ملتزمون
بها وهدفهم الرئيس هو التضامن مع الشعب الفلسطيني وليس محاربته
كما يظن البعض".
وقد أشار السيد جمجوم الى ان بداية تواجد المتضامنين الأجانب كان بداية من بعض
المتضامنين الأمريكيين حيث يقول" كان يصلنا عدد كبير من المتضامنين الأجانب
الأمريكان وكان أغلبهم من ديانة يهودية، وقد كانوا جد متطوعين وداعمين للقضية
ورافضين شتى أنواع الإضطهاد الذي تمارسه اسرائيل. وقد ارتفع عدد المتضامنين
الأجانب من اوروبا وأمريكا ايضا وما زال عددهم في تزايد مستمر".
المتضامن
الأجنبي موضوع يضع الشارع الفلسطيني بحيرة من أمره، فلم يعد قادرًا على الجزم بسلبية او ايجابية هذه الظاهرة، لكنه في تقبل واضح له حيث يخرج ويشارك ويعمل معه يدا بيد .. لكن السؤال الملّح يطرح نفسه هنا: هل
الدولة الفلسطنية قادرة على أن تقوم بذاتها من غير دعم الأجانب ومؤسساتهم ؟!
شكراً لكم ع الموضوعات المتنوعة ...
ردحذف