Main topics

يوليو 22، 2012

زمن بالمقلوب

موجوع من ويلات الزمن المقلوب والذي تعيشه المرأة حاليا

تتمتم بكلمات منطوقة غير مسموعة ، تشق طريقها بخطوات متعثرة غير ملموسة ، كأنها كائن غريب تحتاج لقوة تزلزل مكونات هذا الكون كي يأتي بكون جديد تتلفظ فيه نفسها المكتوم ، وتلملم تاريخها المنثور لتسطر به تاريخ هذا الكون الجديد عبر العصور ، فتصبح هي من تثري قلوب من يعيشون عليه ، هي تمنح الحرية للأخرين ، كون لا وجود فيه للدكتاتورية أو القمعية العنفوية ، لا وجود للنظرة الدونية لها أوحتى  الإستخفافية ، أصبحت هي الحقيقة التي تقتلع وهم الذكورية الذي كان مهيمن على عرش عصر الديناصورات في ذاك الكون المنصرم ، كلماتها منطوقة مسموعة وخطواتها ثابتة  ملموسة ، فهي فارقت كون أستبدلت فيه الفضيلة بالرذيلة بل وشرّعت ، ومن لم يطبقها يدفع ضريبة الفضيلة.


في هذا الكون الجديد عليه أن يكون مخطط جيد ، إلتفافي ،أن يستخدم كل الوسائل المتاحة الممكنة لديه ، أن يتميز بقوة نفاذة تمكنه من أن ينتزع حقه المسلوب المسحوق ، وإما أن يتنازل عن حقه المملوك وبعدها يتخبط في دهاليز مظلمة موحشة مليئة بالإتهامات الباطلة والنظرات الظالمة التي تحاصره ، تعاقبه ، تقتل قواه ، تشل تفكيره ، تحوله إلى كائن لا حول له ولا قوة ، مستضعف لا يملك سوى أن ينفذ ما تأمره هي ، في المقابل تبقى هي كما هي تمارس كل ماتريد وفي أي وقت تريد وكيفما تريد دون رقيب أو حسيب فهي من تملك في يدها زمام الكون الجديد.


يتمتم بكلمات منطوقة غير مسموعة ويشق طريقه بخطوات متعثرة غير ملموسة ، متخبطاً في الواقع المجهول المعدوم والحق المعلوم المهضوم ، أصبح يرى الكون بعينيها ويفكر بعقلها ، مسجوناً في عاداتها وتقاليدها ، ينتظر تشريعات وقوانين تمنحه القليل من الحقوق التي تؤمن حياته أو تمنحه نوع من المشاركة الحياتية المختلفة ، يحتاج لحملات ضغط ومناصرة طويلة الأمد لسن هذه القوانين فقد يسن قانون "الكوتا الرجالية " فيمنح جزء من المشاركة السياسية أو المجتمعية فهناك شعارات تطلق حول الجندرية الأنثوية وضرورة إعطاء الرجل حقه باعتباره نصف المجتمع. 

إلى أن تسن هذه القوانين العادلة سيفقد هو مقدرته على الإستمرار ، وتحمل مرارة وظلمات الظلم ، النظرة الدونية لكونه رجل تربكه ، وحرمانه من التعليم يغيبه ، وقيود العمل تجعله عبداً مأموراً ، أو ديكوراً جميلاً ، والأكثر من ذلك أنه إذا رغب بالزواج فلا يمتلك القرار ، وقد يحرم من الميراث أو يتنازل عنه لأخوته الإناث وإما أن يتزوج ابنة عمه مجبوراً مغصوباً ، فإذا قاوم أو دافع عن حقه في حرية اختيار شريكة الحياة أو حقه في الميراث ، يصبح لا أخلاقي تخطى القوانين الموضوعة ، والتقاليد المتبعة ، فحتماً سيكون الموت هو مصيره المحتوم مغلفاً بمسمى "القتل على خلفية ما يسمى الشرف ."


قد يجمع قواه وتتغلب إرادته على قيود مكونات هذا الكون فيكسر الجمود ويستبدل المألوف بغير المألوف ويخرج من قوقعة كل ماهو عيب وممنوع ،  أصبح قادر على إمتلاك جزء من قراراته ، قادر على التعبير عن إحتياجاته وحقوقه ، إلا أن صوته مخنوق بعثرات التقاليد وثقافة التمييز والجندرية الأنثوية ، غير مسموع للكل المؤثر فما زالت هي فقط من تملك السلطة العليا ، قد زرعت فكرها وثقافتها الجندرية في عقول مكونات الكون ، وخاطبت وجدانهم ، تفرد جناح هيمنتها على الإنسان والحيوان والجماد ، فهو نقطه في بحرها.

إستيقظ مذعور يلتفت يميناً وشمالاً ، محاولاً أن يطمئن ذاته أنه في كونه وليس في كونها ، يستفيق فإذا بها تجلس عند قدميه وفي يدها فنجان قهوته ، تهمس بصوت يكاد يسمعه ،  تريد أن تجاوره الجلسة وتقاسمه فنجان القهوة ، يعتدل في جلسته ويمد لها يده ليجاورها ، فتمتما بكلمات منطوقة مسموعة وشقا طريقهما بخطوات ثابتة ملموسة.

           يبقى أن نتساءل من الأقدر على قيادة الثورة لكسر وحشية الظلم ودهاليزه هي أم هو أم كليهما ؟




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق