Main topics

يوليو 09، 2013

يا من تتحدثون بالإسلام كفاكم إطلاقًا للأحكام.. فالله أعلم بخلقه‎



في بداية حديثي لن أستدلّ بأمثلة كثيرة لو ذكرتها فستصبح تدوينتي كتاب مؤلف من آلاف الصفحات، أنا لا أبالغ وأنتم تعلمون جيدًا ما انتشر في الآونة الأخيرة من فتاوى على لسان كبار الأئمة، فقد أصبحت الفتاوى في وقتنا الحالي تنتشر بين الناس عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي وأخص بالذكر "تويتر" ولن أنفي أبدًا أن كثيرًا من هذه الحسابات مزوّرة وقد لا تكون لأصحابها الحقيقيين، لكنني لن أنفي أيضًا أن هناك الكثير منهم ممن ينشر بين الناس فتاوى لا تدخل العقل ولا القلب حتى، فالحرام بيّن والحلال بيّن ولا أعتقد أننا عاجزون عن معرفة الحلال من الحرام .

وسأنتقل الآن إلى المسلمين أمثالنا، الناس العاديون الذين ليسوا بأئمة ولا علماء، لا أدري هل أصبح الناس يفهمون الدين بطريقة خاطئة ؟ أم أن الزمن الذي وصلنا إليه جعلنا لا نميّز حقًا فيما نقول، أنت مسلم وأنا مسلمة فكيف من حقك يا فلان أن تكفّرني أو تكفّر غيري وعلى أساس ماذا؟ ألم تقرأ من قبل حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي قال فيه : " من قال لأخيه أنت كافر فقد باء أحدهما بالكفر" وفي حديث آخر " لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك " فمن أنت إذن لتحكم على شخص بالكفر، هل دخلت إلى عقله وتفكيره لترى أنه يفكر بفسق أو بأمرِ حرام ؟ أم أنك حكمت عليه فقط لمجرد أن شكله خطأ أو لبسه غير لائق أو من الممكن أنه لم يطوّل لحيته فهو بذلك خالف فكرك أنت وليس الفكر الإسلامي أو العقيدة .
دعوني الآن أتحدث عن الدين مع أنه قد لا يكون من حقي ذلك فأنا لم أنهي السنة النبوية ولم أختم القرآن الكريم لكنني على الأقل لن آتي بشيء من عندي ففي جعبتي الكثير ممن سمعت لهم أو حضرت لهم دروسًا في الدين، وهم الذين جعلوني أتعلق في ديني أكثر مما قبل، وسأحيطكم علمًا أن أولئك الذين يفتون بفكرهم لا بالفكر الإسلامي وينشرون الدين بشتم فلان وقذف علّان لا يضيفون شيئًا بل يشوهّون صورة الدين فهم ينشرونه بالرعب لا بالمحبة بالخوف لا بالعطاء بالترهيب والتنفير لا بالأمل والتفاؤل والابتسامة.
سأبدأ بمحمد عليه الصلاة والسلام قدوتنا وحبيبنا ورحيمنا، فعلمّنا محمد أن الدين ابتسامة عندما قال مخاطباً كل واحد منا : "تبسمك في وجه أخيك صدقة" فبمجرد أن يبتسم أحدنا في وجه أخيه فإنه يكون بذلك قد تصدق بمبلغ من المال دون أن يدفع شيئاً، تخيّل إنه أسلوب نبوي كريم لمن لا يملك المال.

وحدد لنا نبينا أن التبسم يجب أن يكون في الوجه، أي أنك تتبسم وأنت تنظر لوجه أخيك، وهذا قمة التأثير والطريقة المثلى هي أن تبتسم وأنت تنظر للشخص الذي تحدثه، فهذا سيعطيه شعوراً سريعاً بالاطمئنان والمحبة لا بالذعر والرعب والهلع .
كما قال رسولنا أيضًا "ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ فأعادها ثلاثاً أو مرتين. قالوا: نعم يا رسول الله. قال: "أحسنكم خلقاً" " ولا أعتقد أن شتم فلان أو قذفه من محاسن الأخلاق !

وفي يوم ما كنت أتابع أحمد الشقيري في مقابلة في إحدى البرامج فأخذ يتحدث عن نظرة المتدين لمن يعصي الله  قائلُا أن الرسول عليه السلام كان حريصًا في المجتمع الإسلامي على عدم نبذ أحد وعدم إطلاق الأحكام على أحد وجذبني ما قاله كثيرًا عندما أعطى مثالًا من زمن محمد عليه السلام عندما كان يأتيه شخص يشرب الخمر ومدمنًا به فكان يعزّره الصحابة وقتها أي " يضربونه بأحذيتهم" فيذهب ويعود بعد أسبوع فيضربونه من جديد، فجاءهم مرة وهو شارب للخمر فقال أحد الصحابة وكان جالسًا بجانب الرسول "اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به" فرد عليه الرسول قائلًا " لا تلعنوه إنه رجل يحب الله ورسوله" يا لعظمة نبينا مع أنه شارب للخمر قال لا تلعنوه ، لو أردنا تطبيق ذلك في يومنا هذا ، فذلك يعني أيها المتدين أنك عندما تخرج إلى الشارع وترى أحدًا خارجًا من مكان سكر وهو سكران فلا تحكم عليه أنك خيرًا منه ولو بذرة لأنك لا تعلم كيف ابتلى هذا  الشخص بالخمر أو غيره ومن الممكن أنه يحاول جاهدًا ترك الإدمان وقد يكون قد صلّى لله سنوات عديدة ليرفع عنه هذا البلاء، قد لا تعلم أن له حسنة ما لا يعلمها إلا الله، قد يدخل بها الجنة ولا تعلم ما الذي ستكون عليه خاتمتك وهذا ما ذكرني بحديث آخر عن عظيمنا محمد قال فيه "هل تدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع، قال: إنّ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصيام وصلاة وزكاة، ويأتي قد شتم عرض هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، فيُقعَد فيقتصّ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه من الخطايا، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار ".

هذا هو ديننا الابتسامة والعطاء والحياة والحب والأمل والتفاؤل والمعاملة فليس الدين فتاوى لا تدخل الفكر والمنطق وليس الدين شتم وقذف وترهيب وتخويف ، وخلاصة حديثي الطويل الذي أشعر فيه أنني أعطي درسًا دينيًا مع أنني لم أقصد ذلك أن أتركوا الخلق للخالق فهو كفيلٌ بأن يحاسبنا كيفما يشاء وحمدًا لله ألف مرة ومرة أنه لم يترك الحساب بأيديكم فربنا رحيم وربنا كريم وربنا غفور وهو أعلم بما تخفي الصدور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق