Main topics

ديسمبر 04، 2013

ع الطريق في أمان الله نسير


بعض ليالينا نعيشها صدفة، لتمشي فينا أجسادنا إلى أشخاص لم نخطط أن نلتقي بهم، بل جمعنا بهم ملاك من ملائكة القدر ، فتسرقنا أقدامنا، وأفكارنا وشغفنا للجنون، في محاولة منا للهروب  إلى عالم نحاول أن نبنيه بأفكارنا وخيالاتنا التي لا تكاد تنتهي .

 دفعة قوية  تنطلق في أقدامنا لتحرك هذه الأجساد التي تشتعل في داخلها ثورة لا تكاد تنطفئ بحاجز آخر من المجتمع . يحكى أنه مجتمع ذو قيم ونخوة، شعب يحب الكرم. والله لقد شاهدت الكرم يطفح من بئر عميق ويغرق كل المدينة، إكرام الضيف صفة للنشامة، وفعلا لقد أكرمتنا مدينة رام الله حيث فتحت شوارعها الباردة لنا طوال الليل، ووفرت لنا كل الأمن والحماية، لدرجة أن الليلة كانت من أسهل الليالي التي عشتها في حياتي .
المقاعد تملئ المدينة، عند كل مقعد يوجد مدفئة، الأصدقاء ينتظرون اللقاء على أحرِ من الجمر، الأغطية الدافئة كانت تملئ المكان . اذا تسائلتم أين كنا بالتحديد، فنحن كنا في كل مكان، وهذا بسبب المساحة الواسعة الموجودة في البلد، والمنتزهات المفتوحة، والحدائق العمومية، حتى الشوارع بعد كل عشرة خطوت تجد مقعد ينتظرك للجلوس عليه!! .
لا أحد ينظر إليك في أمان الله تسير، تشعر بطمئنينة تخلق الدفئ في جسدك، تجعلك تحلم بأن تبقى في هذا المكان، يا للجمال! بصراحة إذا بدأت التعجب لن أنتهي فالبلد كلها عبارة عن علامة تعجب واستفهام.
يعني كم من الصعب البوح بالكلام بالشكل الصحيح، لكن من الأسى أن يصبح قلبك من حديد، ترى الأشياء ولا تشعر بها، تعترف بما أنت عليه، ولا تعرف كيف يمكن أن تتغير أو تغير،" يازلمة إذا مش عارف كيف تتغير كيف حتغير" ؟!!
في كل خطوة أتمنى لو كانت البلد تتقبلني كما أنا، أنا الآن مشردة. إما أن توفر لي مأوى، أو تتركني لشارع، يؤنسنى
برفقتي، ويشغلني بقبلة ضاعت على أرصفته، ونحن نعزف الألحان، فلم تجد لها مكان، فذهبت لتطوف في اللا مكان.
لو أن الشوارع كانت أوسع، والعقول كانت مستيقظة أكثر، لو أن البشر استيقظت وتركتنا لوحدنا نسير في ليلنا الطويل، لو أن المقاعد كانت أكثر بقليل مما وجدناه/ لم احتجنا لبيت نسير إليه، ليس من الغريب في مدينة رام الله أن تمر عن بيوت عشعشت فيها بيوت العناكب، تنظر إليها عيناك وهي ترغب في الدخول إليها وتعميرها، لكن اصحابها، قرروا أن يتركوها كما هي، كما قرر الشارع أن ياخذنا كما نحن.

لم نكفر نحن لأننا هكذا، نحن وجدنا هكذا، لم نخلق لمكان واحد، أو حتى لوطن واحد، و في كل مكان يمكن أن نكون، ولسنا بوحوش، بل إنسان.
 في داخلي لا أشعر بأني أنتمي لمكان، بل أشعر بالإنتماء لأشخاص عشت معهم بضع لحظات من حياتي أكثر مماأشعر بالإنتماء إلى ببيت ولدت فيه.   .
لا استطيع أن ألحق القطيع، ليس حبا بالمشي عكس القطيع، بل لأن القطيع لا يعترف بالفرد وانا قبل ان اكون من القطيع كنت انا، وما نفع القطيع اذا لم نكن من هذا القطيع.
هذا القطيع الذي ما زال يؤمن بأن الليل ليس للسهر وأن النهار كالحمار للحفر في الأرض وغرس الشجر.
كيف اعيش مع قطيع لا يريدني أن أعيش، ألست بشرا، مالفرق بيني وبين الحجر اذا لم أشعل شغفي، واحرق  ارق نشوتي كما يحرق الله بجهنم البشر .

خطئيتي أني انا... وهي وهو وهو وهو.. هؤلاء الذين أشعلوا نشوتي و أحرقوا شغفي... و لبوا رغبتي ...  فسهرت الليل رغماً عنكم انتم ايها البشر ....

هناك 12 تعليقًا:

  1. كل الاحترااااام عنجد اشي رائع احترمك :)

    ردحذف
  2. كتابة رائعة تعبير رائع لغة اروع من الرائع الى الامام يا صديقتي :]

    ردحذف
  3. الله يغطيكي العافية ميوس متالقة دائمأ

    ردحذف
  4. عنجد لاول مرة بقرأ اشي وبستمتع وانا اقرا في
    عندك لغة ووصف اكتر من رائع
    وموضوعك جميل وواقعي قلبك رائع

    ردحذف
  5. حمزة ابو عياش Hamza Abu Ayyash
    حسستيني ببرد الشارع ولوهلة حسيت كندرتي انبلّت وشفت كمان صور لناس كنت بفكرهم صحابي
    وكيف حلقولي بنقطة صفر كتييير صبتيني من جوا يسعدلي قلبك

    ردحذف
  6. نور اسماعيل
    كلام رائع ومتالق وجاء في الصميم لاني شعرت بانه يتكلم ويلتمس داتي اشكركي على هده المقالة واتمنى لكل مزيدا من التقدم في كتاباتك التي تعبر عن كل شخص فلسطيني

    ردحذف
  7. ايمن محاريق
    صديقتي ميس ... انت لامست جزءا من الاحساس الذي شعرت به هذا الصباح ... بالصدفة وانا اقرأ بها كانت كوكب الشرق تغرد ... انت بكلماتك تمكنت بجذب القارئ ليستمتع بالقراءة ... كلماتك و ام كلثوم جعلتني اسرح بتاريخ رام الله الجذاب ...

    ابدعت يداك وكلماتك صديقتي

    ردحذف
  8. صديقتي ميس ... انت لامست جزءا من الاحساس الذي شعرت به هذا الصباح ... بالصدفة وانا اقرأ بها كانت كوكب الشرق تغرد ... انت بكلماتك تمكنت بجذب القارئ ليستمتع بالقراءة ... كلماتك و ام كلثوم جعلتني اسرح بتاريخ رام الله الجذاب ...

    ابدعت يداك وكلماتك صديقتي

    ردحذف
  9. فاطمة الخالدي
    اه يابنتي المتمردة شىء رائع ان نعبر بهذه الصراحة عن انفسنا اراك بداية مشروع لكاتبة متمردة حتى على ذاتها الى الامام دائما ياحبيبيني الصغيرة

    ردحذف
  10. لو ان الكل يكتب بهذه الطريقة المرهفة المليئة بالمشاعر والاحاسيس الطااهرة .. لادمن الانسان العربي القراءة ...
    أظن أن مستقبلك واضح لا محال ... فها انت نجمة تتالق ... وربما في المستقبل ستمتلكين القمر ..
    جدا احب اسلوبك ومعجب في روحك الجميلة

    ردحذف
  11. فعلا انك مرهفة الاحساس .. مبدعة .. وفي داخلك تنبع ثورة من الكلمات .. نحتاج لأن تفجيرها فينا ... ونحن لك متابعين ..
    مبدعة انت يا ميس .. استمري

    ردحذف
  12. رائعة انتي اي صديقتي .. اتمنى لو كان لدى هذا التمرد على كل شي الموجود في ثنايا روحك
    لقد وصل معظمنا في هذه البلد الى طريق السير مع القطيع
    استمري ميس فانا ارى فيكي ما فقدته وما كنت اتمنى ان لا افقده

    ردحذف