Main topics

يوليو 13، 2010

فيزا للحرية

الساعة السابعة صباحا. لم انم منذ ليلة الامس و انا انتظر ان تدق الساعة الثامنه حتى انهض من سريري و في داخلي اتخيل كم سيكون هذا اليوم جميلا .. اخيرا الساعة الثامنة نهضت و ارتديت ملابسي حتى قبل ان أغسل وجهي أو أنظف اسناني .. انهيت جميع اموري، قبلت امي وابي واستقليت تاكسي و سارت بي السيارة من نابلس و كانت وجهتها حاجز قلنديا .

انا ذاهبة الى السفارة الأمريكية للحصول على تأشيرة سفر و لكن ليس هذا سبب فرحتي. لقد كنت فرحة لان السفارة الامريكية موجودة داخل القدس واني قد حصلت على تصريح لدخول القدس بعد عشرة اعوام علما انني قدمت عليه عدة مرات مسبقا بهدف زيارة القدس و لكن دون جدوى.

الساعة العاشرة و النصف ترجلت من التاكسي بإتجاه حاجز قلنديا. رن هاتفي كانت صديقتي جودي " ليالي اين انتِ ؟ انني انتظرك على الطرف الاسرائيلي من الحاجز". ذهبت الى الحاجز ولكن كان ذلك اليوم يوم جمعة حيث جميع المصلين يحاولون الدخول الى مسجد الاقصى و انا اريد ان اكون اول واحدة لاني اريد ان استغل الوقت المسموح لي بالدخول فيه حيث انه يوجد معي فقط 14 ساعة و قد مرت منها 6 ساعات بعد الانتظار و " التدفيش المعتاد على الحواجز". حان دوري وقفت امام المجندة الاسرائيلية التي لم تتجاوز 17 عاما بعد، كانت خلف حاجز زجاجي و قالت لي "اين تصريحك" فرفعته امامها ووضعت اغراضي على ماكنة التفتيش. احسست بالضغط الشديد فقد مررت على عدة مطارات في حياتي و لم ارَ مثل هذا التشديد الذي يحصل في بلدي.

بعد 3 دقائق من التدقيق ونصف ساعة من الانتظار لكي اعبر 20 متر، انا الان في القدس انتظرت 10 اعوام هذا التصريح الغبي حتى احقق حلمي بزيارة عاصمة دولتي، فكرت قليلا لكن سعادتي انستني اي تفكير .

السفارة الامريكيه

مشيت قليلا و التقيت بصديقتي جودي وتوجهنا مباشرة الى السفارة الامريكية، حيث كانت الساعة الحادية عشرة والربع، و في السفارة كان معظم المنتظريين اسرائليين و كان منهم من يتحدث معي ليضيع الوقت و يسألني اذا كنت من تل ابييب او من الناصره او من يافا او من او من من مدن الداخل. لكني كنت اجيب بنظرة تعال "انا من نابلس"، بالحقيقة كنت احس بشعور مشابه لشعور طفلة صغيرة تحاول غيظ اعدائها بهديتها الجديدة و الجميلة "انظروا انا هنا و فعلتها، دخلت حواجزكم".

 الساعة 12 انتهيت و لم يكن معي سوى 7 ساعات، حاولت ان اذهب للمسجد الاقصى لكن كان يوم الجمعة فلم استطع الوصول اليه من شدة المصلين ولكنى اكتفيت بالنظر اليه من بعيد.

طرحت علي جودي فكرة "مجنونة" قالت لي " هل تريدين الذهاب الى يافا و تل ابيب؟؟؟ فقلت مع ضحكة تحاول اخفاء القهر بداخلي لان تصريحي فقط للقدس " مزحة جيدة لكني لا استطيع"،  فقالت "لا يوجد اية حواجز بين القدس و تل ابيب و يافا و لن يوقفنا احد لان سيارتي نمرة صفراء " اسرائيلية" فأحسست بشغف شديد مع خوف قليل و لكن شغفي كان اقوى " لنذهب" هذه الكلمة الوحيدة التي قلتها.

لقد كانت الطريق بين يافا و القدس تقريبا ساعة و في الطريق رأينا عدة قرى فلسطينية، لم يرضَ اهلها الخروج منها لا عام 48 ولا عام 67 مثل قرية ابو غوش فأصريت على الوقوف و القاء التحية العسكرية على القرية من على بابها و مررنا بقرية عمواس التي اصبحت الان منتزه سياحي .

أول مرة بالبحر

وصلنا الى يافا و دخلنا الى شارع العجمي، الحي العربي الوحيد الباقي. لقد كنت فرحة و لكني كنت اتوق الى شيء اخر و هو البحر حيث كان عمري 21 سنة ولم ارَ البحر في حياتي ابدا . توجهنا الى البحر رأيته من بعيد ثم بدأت اشتم تلك الرائحة التي لطالما سمعت عنها رائحة الرمل المختلط بمياه البحر. توقفت السيارة و كان هنالك درج طويل لأصل الى البحر و تختلط قدماي لاول مرة بمياهه، كنا في شهر تشرين الثاني و كان هناك لسعة برد و لكني لم اكترث لذلك فرميت معطفي و ركضت من اعلى الدرج و انتهى الدرج، ومازلت اركض و اركض ثم توقفت و ادرت ظهري و اذ بي ادير ظهري و انا في البحر و على بعد عشرة امتار من الشط واسبح في ملابسي بالرغم من البرد الشديد. أتت جودي و سحبتني الى الشط لاجلس تحت الشمس حتى لا امرض و حضرت لي ارجيلة، احسست بالشعور الذي لطالما كانت تقول لي عنه " ازكى ارجيلة على البحر"، بعد الانتهاء قمت بجمع بعض الصدف و دعت البحر واعدةً اياه ان ازوره مرة اخرى .

ثم ذهبنا الى تل ابيب، ورأيت نهر الياركون لاول مرة اجلس على العشب بجانب النهر - كنت افكر فقط كيف انا حرمنا من بحرنا و شطنا و نهرنا و بلدنا و و ....الخ- اخيرا انتهى حلمي فلقد اصبحت الساعه الان السادسة و النصف و لم يبقَ سوى نصف ساعة للخروج من القدس.

على الحاجز ودعت صديقتي جودي مع العناق الشديد و الشكر الذي لا استطيع التعبير عنه. استقليت السيارة الى نابلس، وصلت البيت ضحكت في وجه امي و ابي و قلت " لقد كنت في يافا و تل ابيب ". حقا لا استطيع ان اصف علامات الدهشة و الحيرة على وجههما، بمعنى "ماذا تقول هذه المجنونة"، لكني ركضت الى غرفتي و اغلقت بابي تجنبت اي نقاش ممكن ان يضيع فرحي الشديد و لو لثانية .

الصورة لـِليالي كيلاني / أخذت بواسطة الصديقة جودي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق