Main topics

يوليو 18، 2010

"كل ما كان منفى يعتذر، نيابةً عني، لكُلّ ما لم يكن منفى!"

تراميتُ في أحضانك، أنهكتني، ولم يزدني ذلك الا الحاحا.كم كنتَ غاضبا، شرسا، اهوج، أكانَ ذاكَ حبيبي شوقاً، أم بغضاً؟ عليكَ ان تعترفَ بذكائي وسعة صدري، حين التصقتُ بكَ وبدأتُ أروضك بسطوة أنوثتي. وأدهشتكَ بما جادت عليّه قريحتي، حقا عزيزي مارستُ معكَ كل ما دلف ببابي من وله.
انتشيت، ولم يعد هناك شيئا حياً آخرَ في الوجود، وقعتُ بكَ قتيلةً من شدة الوجد. تذوقت بملوحتكَ نكهة غربتي، ونتوءات ألمي، كنت اود لو استبقيك بروحي أزلاً.

اقتربت الآن لتمجدَ لهفتي، وقد اطمأن قلبكَ لي اخيرا. ثملنا معا شربت منك، وأغدقتكَ بالتوق المتوقد بي  .... التحفتكْ. ركبتُ موجك وعدونا معاً. وعيتُ الآنَ حبيبي، وأدركتُ انك تخبئ تحت تقشفكَ وجفاءكَ وبعدك حنيناً لأشياءٍ لا تحصى، حنيناً لماضٍ زال ولم يزُل، تخبئ حنينا يغرق البائسين والجياع. . ليلاكَ انا ايها البحر، وكل من سوايَ لا يملكَ شيئاً من ظمئ عروقي. عندما همستُ لكَ "خذني"، تظاهرتَ بأنك غريبا لا تجيد لغتي. "خذني لأموتَ بك، الا تريد ان تحتفظ بي هنا في أعماقكَ الى الأبد؟" أخذتَ تضج وتتمرد، ومدكَ وجزركَ يتلاعبا بي كما لو كنتُ قشة. حضنكَ قلبي على اتساعك، وقبلتك العين بكل ما ملكت من شجن.

لم أرد ان اغادرك، تكورت بكَ، وغفوت. للحظات احسست بك تجذبني الى الأسفل، لم أقاومكَ، ولم أبدِ أي دافعٍ للحياة. خذلني العمرُ يا بحري، خذلني القلب ورهفي، خذلتني أنتَ ايضا، حين رأيتني ولم تبصرني، وعاملتني كأي عابرٍ تطأ قدمه مداك، قبلَ ان تنتهي مكابراتكَ وتدركني.  تخلت عني " ساعات الفرح القليلة" كما تخلّت عنكَ شمسك.

كيفَ مضى الوقت؟ ولمَ لم أرَ غيري بك؟ وانت تكتظ بالدخلاء يلهونَ بفيض عطائك؟ كيف سمحتَ لي ان ارحل بعدما كنتُ أنت؟ تتلاحق الأصوات بلغة زائفة "تعالي عالشط ، ما تبعدي خلااص" من هذا الذي يوقظني من خلوتي؟ ومن يمنعني من التيه بك؟ من يخول نفسه للخوف على سلامتي وأمنك؟ من يفرّق بيننا يا أنا؟ من هذا الدخيل الذي يستعبدك، ويحرمني منك؟ كنتَ تعلم اني اريدك سكناً، وتحسست حاجتي للبقاء بكَ ابدا، ولفظتني! انا ليلاكَ يا بحري، بللتكَ بدمعي ونزعتُ كل ما تراكم على القلب، لك... لمَ ابتعدت؟
  • العنوان مقتبس من قصيدة "أنت منذ الآن انت" محمود درويش
مدينة حيفا / أُخذت بواسطة بشرى فراج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق