Main topics

مارس 16، 2012

في بلدة الخليل القديمة: الرسم بالرمل فن وصمود


ينقش الفلسطيني بين ذرات الرمل الملون تاريخه وتراثه، ليسطر  تضحياته في أوعية زجاجية، لا تتشابه وأشكالها وأحجامها وألوانها و رسوماتها، لتحتضن تارة علمه الأسود والأحمر والأبيض والأخضر، وتارة رموزاً كالياسر أبو عمار رحمه الله، وحنظلة الشاهد والمأساة والمقاومة والتحرر.

الرسم بالرمل في بلدة الخليل القديمة/ هبة عابد
ويعبر الفلسطيني بالرمل داخل  جدران الأوعية الضيقة أو الواسعة نسبيًا عن مشاعره، بأشكال القلوب أو الورود و العبارات، أو يدون اسمه مع آخرين بالرمل الأسود مع الصمغ، ليظل عالقًا على الأوعية كما ذاكرة أصحابها، أو إهداءاتهم، فينقذ اسم فيروز وشخوص كلماتها من على رمل الطريق، ويحل لها لغز المكان، على الرمل نفسه، بكيفية مبتكرة تكفل بقاء اسمها مع استمرار عمر الزجاجة! دون أن يمس ذلك بروعة أغنيتها وموسيقاها ورمزيتها: "بكتب اسمك يا حبيبي عَ الحور العتيق، بتكتب اسمي يا حبيبي عَ رمل الطريق، وبكرة بتشتي الدني، ع القصص المجرحة، بيبقى اسمك يا حبيبي واسمي بينمحى".

ويلقى الجائل في مدن الضفة وبلداتها القديمة بشكل خاص، فن الرسم بالرمل، على الأرصفة، أو في محلات خاصة، لتسوق روعته نفسها للمواطن والزائر والسائح. أما في بلدة الخليل القديمة، فالحكاية تختلف قليلًا أو ربما كثيرًا، ، في ظل سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على أغلب الطرق والبيوت والدكاكين، ومنطقة الحرم الإبراهيمي منذ نكسة العام 1967. فتعدت الحرفة هناك الفن إلى الصمود في الأزقة التي يحمل طابعها تاريخ المدينة، ونمط الحياة، والفن المعماري آنذاك.

ويبين صاحب حرفة الرسم بالرمل في البلدة القديمة في الخليل، محمد العواودة،  إن حرصه على التمسك بمساحة محله الصغيرة، على الرغم من قدم مبناه، والبيع في مكان لم يعد يقصده المتسوقون، ويزحف الاقتصاد فيه، إنما هو واجب زرعه الصمود، للحفاظ على فلسطينية المنطقة التاريخية، والحد من التوسع الاستيطاني فيها، في الوقت الذي غادرها معظم أصحاب الدكاكين للبحث عن رزقهم في محل آخر.

ويشرح العواودة خطوات الرسم بالرمل، "نخلط الصمغ مع النحاس داخل الوعاء إذا أردنا الكتابة على جدرانه، وأي خطأ أثناء الكتابة هو قابل للتعديل، ثم نصب الرمل داخل الوعاء، بالتدرّج، بما يتوافق مع الرسمة، والألوان المستخدمة فيها، يُحرّك الرمل بسلك مدبب الرأس حسب قانون الجاذبية الأرضية، وبعد الانتهاء يغلق الوعاء الزجاجي بالرمل المخلوط بمادة الغراء حتى يحتفظ بمظهره النهائي".

زجاجات رمل جاهزة في محل العواودة في حارة الخواجات/هبة عابد 

وأشار محمد العواودة إلى أن "الرسم بالرمل لا يقتصر على المهارة، وإنما يُدرّس من خلال دورات داخل فلسطين، وكتخصص معتمد في جامعات بالخارج"، مؤكداً " أنه يمكن تلاشي صعوبة الرسم بالرمل أو الحد منها بالتزام الدقة في تحريكه".

ويظل للفن الفلسطيني طعم آخر، رغم بساطته في بعض الأحيان، ما دام يحمل الإصرار، ومعاني الحب والوطن، ليشكل صمودًا آخر في وجه الاحتلال  لن يكون أبدًا آخر أشكال الصمود.

هناك 6 تعليقات:

  1. رااائع جدا اختي ..
    يعطيكي العافية ..

    ردحذف
  2. كتير رائع .. والوصف كتير حلو .. بالتوفيق يا صديقتي

    ردحذف
  3. allah e3teki allf 3afya 3an jad mawdo3 7elw kteer o yarat law edarso fi jam3at 3na l2no fi kteer nas b7bo el ashghal el yadawya ,,y3teki el3afya wallah el takreer kteer wada7 3an hay el mhna thnnx hiba..

    ردحذف
  4. موضوع رائع ، يعطيكي العافية
    نص قوي ومترابط
    سهولة وبساطة العرض
    موفقة

    ردحذف
  5. عن جدا موضوع رائع ومتقن
    اشكر ك على وقوفك على تاريخ وحضارة بلادنا
    رائع الاسلوب والتقنية
    شكرا وبالتوفيق

    ردحذف