Main topics

يوليو 04، 2010

ذكريات ، بحر وأحلام

الساعة العاشرة صباحاً من احد ايام آذار المشمسة، وصلنا الى ساحل بيروت وترجلنا من الحافلة، وانا برفقة ستة من اصدقائي قادمين من مختلف مناطق الضفة الغربية. توجهنا الى الشاطئ عبر احد الشوارع، كانت مليئة بالأحجار والجدران المميزة التي تذكرك بتاريخ تلك المدينة الجميلة، فقد رأيت فيها ما يكفي من السحر ليقال عنها باريس الشرق.
نمر من اسواقها القديمة التي تحتوي على الكثير الكثير من التحف الفنية التراثية، والمحلات التجارية التي تبيع المجوهرات القديمة تغريك بأن تدخلها وتشتري أجمل ما تحتويه ، ولكن اخذتني قدماي  بسرعة كبيرة الى البحر، كفتاة ذاهبة لمقابلة من تحب لأول مرة.

آخر نهار                                                                                 
عندما وقعت عيناي على مشهد البحر شعرت برعشة تسري بجسدي، أراه جميلا رائعا دافئا ورائحته تشدني بقوة، جلست على صخرة اتأمل زرقته المسروقة من السماء. انهُ يذكرني بآخر مرة ذهبتُ بها الى مدينة عكا قبل حدوث الانتفاضة الثانية بأسبوع في العام 2000. كنت واحدة من مجموعة من الفتيات في رحلة ترفيهية الى هناك، وعلى الرغم من توقفنا على عدة حواجز اسرائيلية الا اننا كنا فرحين جدا، ذلك اليوم لم يمحَ من ذاكرتي ابداً، فلم ارَ اجمل من عكا بشوارعها ومبانيها القديمة، بقلعتها وصورها اللذان يعتبران من أقدم المواقع الاثرية، وبالتأكيد لا يمكن نسيان شاطأها والامواج العالية تضرب بالصخور. رغم ذلك نزلنا الى البحر وتراشقنا بالمياه، وعندما تكون في عكا لا تستطيع مقاومة رائحة السمك المشوي الذي انهينا به يومنا بعشاء على الشاطئ.

أعادني صوت صديقي علاء الى بيروت حيث اوجد قبل أن تأخذني الذاكرة الى عكا، اخبرني علاء انه علينا المغادرة للتوجه الى جبال لبنان، لم اكن اريد ذلك فلم اشبع بعد من البحر، لكنه آخر نهار لنا هناك وكان لا بد ان نرى ونتمتع بكل ما يحتويه هذا البلد الجميل .
"ليش حياتنا هيك ؟؟ وليش مش عايشين زي غيرنا ؟؟ نفسي أشوف البحر، رح أسافر بره لحتى اقدر أعيش بحرية " هذا ما اخبرني به اخي الذي يبلغ السابعة عشرة من عمره، عندما رأى صوري في بيروت. فرح وحزن في نفس الوقت، فهو لم يذهب الى البحر ابدا، كان صغيرا عندما كنا نستطيع الذهاب، وبعد انتفاضة الاقصى لم يعد احد يستطيع الذهاب لا كبير ولا صغير.
 أشعر بألم في قلبي عندما اسمع كلام أخي واتسائل بدوري، لم حياتنا هكذا؟ ألم يكفي انهم حرمونا ارضنا وبحرنا ؟؟ ولكن أيضاً حرمونا ما هو اغلى من ذلك كله وهو، حريتنا.

بيروت الجميلة ستبقى في ذاكرتي لانها منحتني فرحة رؤية ما كدت أنساه في موطني.


* صورة للبحر في منطقة جبيل في بيروت / اخذت بواسطة رشا موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق