المرأة الفلسطينية في الإعلام: جرأة وتحديات

إحدى الصحفيات تصور مؤتمر صحفي/ Flickr / ShashiBellamkonda

بات عمل المرأة في مجتمعاتنا أكثر نمواً وازدهاراً، إذ أنها أصبحت تثبت جدارتها وتمكنها من تبوّء مناصب رفيعة في ميادين عدة كالسياسة والإجتماع والعلوم بمختلف أنواعه. فهي الطبيبة التي تسهر على معالجة مرضاها والمعلمة التي تربي أجيالاً للمستقبل وهي أيضاً السياسية التي تتمتع بقوة الشخصية والصفات القيادية التي تمكّنها من تحمل المسؤوليات كالرجل تماماً، والإعلامية التي لا حدود لطموحاتها.

وبالطبع وإذ أن مجتمعنا الفلسطيني هو من أكثر المجتمعات حاجةً للإعلام على مختلف أشكاله، كان لا بد للمرأة ان تشارك في هذا المجال الذي يتطلب طاقات بشرية هائلة. ففي تخصص الإعلام تشارك المرأة مشاركة فعالة في كل مراحل الانتاج من اقتناص الفكرة المناسبة ومعالجتها بداية بالتصوير والاضاءة والديكور والمونتاج وغيره. وهناك سيدات يبدعن في مجال التصوير فيحملن الكاميرات ويصورن ما يجري من أحداث حولهن. وبخاصة العمل في المهنة التي باتت ملحوظة بشكل كبير في الآونة الأخيرة ألا وهي تصوير الأعراس، الذي يعود الى آلية الفصل بين النساء والرجال. فهل بات عمل المرأة المصورة محصوراً بتصوير الأعراس؟

معيقات وتحديات

في الواقع هناك معيقات كثيرة تواجه المرأة التي تختار تخصص الإعلام وتمتهنه، فنظرة المجتمع اليها تحكمه عادات وتقاليد المجتمع الشرقي الذي نعيش فيه، وبالرغم من التطور الهائل الذي نشهده في أيامنا هذه إلا أن هناك الكثير لا يزالون يأسرون أنفسهم في دائرة التقاليد والأعراف الموروثة وخاصة أهالي القرى الذين يرون أن مهنة الإعلام هي أنسب لفئة الذكور، فخروج المرأة محدود في وقت معيّن ولا يمكنها العمل بشكل حر في أي ساعة أرادت كما تتطلب هذه المهنة، لهذا غالباً ما يكون تخصص تكنولوجيا الإعلام للفتيات غاية في الصعوبة ويحتاج الى محاولات اقناع لتلك العائلات واطلاعهم على الموضوع من زوايا ايجابية اخرى هم لا يرونها، وإن افترضنا أنهم اقتنعوا وكانت الفتاة صحافية ناجحة في عملها ستكون بالتأكيد عرضةً لإنتقاد المحيطين بها!

 وفي حديث للنظرة مع خريجة إعلام من كلية فلسطين التقنية  قالت: "انا كطالبة درست إعلام وفنون تلفزة أحب هذا التخصص كثيراً وأريد أيضاً أن أعمل به، وان أنتقل من مكان الى آخر لرصد الأحداث، ولكن يوجد معيقات من قبل الأهل بشكل خاص ولا يمكن تجاهلها، لذلك أنا أبحث عن عمل في نفس منطقتي وبتخصص مختلف، او إعلام مكتبي".

أما بخصوص فرص العمل المتاحة فهناك مجال للمرأة لكي تعمل ضمن هذا التخصص ولكن بشكل يكاد لا يذكر بسبب ما نعانيه من بطالة مستديمة ومعيقات ذكرناها سابقاً، إضافة الى المعيق الذي يرافقنا في كل جوانب حياتنا وهو الإحتلال الذي يخنق حرية تنقلنا ويعرضنا للتفتيش والإهانة والاعتقال، كل هذا يساهم في جعل خروج المرأة لرصد الحدث أمراً صعباً ويحتاج الى جرأة يجب أن تتحلى بها المرأة الفلسطينية بشكل عام والإعلامية بشكل خاص.

اما المعيق الآخر الذي يواجه الفتاة في مهنة الإعلام هو ما يحتاجه هذا التخصص من متطلبات لا يصح العمل دونها مثل حمل الأدوات التي تحتاجها للتصوير سواء كاميرات بأحجام مختلفة وحاملات كاميرات وغير ذلك. وهذا المعيق قد يتمكن من تحطيم حلم بعض الفتيات اللاتي لا يؤمن بقدراتهن، فتراهن يشتكين من ثقل هذه الأدوات ويفضلن العمل المكتبي الذي يرتاحن به.

بالإرادة والعزيمة نحققُ الذات 

جيفارا البديري مراسلة قناة الجزيرة
تصوير معزوزة موسى

بالإضافة لذلك، قد يكون التواجد في قلب الحدث حاف بالمخاطر كتصوير مظاهرة أو قصف أو غيرهما ما يجعل خروج المرأة لتصوير هذه الأحداث أقرب الى المستحيل، لكن هناك بالتأكيد بعض الصحفيات اللاتي يقررن أن يقفن في وجه التحديات التي يتطلبها عملهن. ومن الإعلاميات اللاتي سجلن في تاريخهن الإعلامي نجاحاً كبيراً مراسلتا قناة الجزيرة الاعلاميتان شيرين أبو عاقلة وجيفارا البديري ، وهن على استعداد دائم لتغطية الأحداث التي تجري على الساحة الفلسطينية، إذ نراهن يقفن تحت نيران القصف ويتنقلن في جميع أنحاء فلسطين لتغطية الحدث وايصال الخبر. وهذا يؤكد للبعض أن بإمكان المرأة ان تعمل كما الرجل تماما وتتحمل المسؤوليات في ظروف صعبة مثله أيضاً.

 في كل سنة تتخرج من الجامعات أفواج من الاعلاميات اللاتي يملكن الارادة والعزيمة، ويطمحن بممارسة كل ما تعلمنه على أرض الواقع والعمل في وسائل الإعلام من خلال التصوير وتقديم برامج وغير ذلك ، والاهم من هذا كله الجرأة والعزيمة والتحدي والوقوف بشكل ايجابي أمام كل الامور التي تجعل المرأة مثال يحتذى به بكافات المجالات.

* أُخذت الصورة الأولى من موقع فلكر

الصورة الثانية تصوير الزميلة معزوزة موسى