صورة للظاهرية أخذت عام 1920/ ويكيبيديا |
انتهجت معظم مؤسسات المجتمع المدني مؤخراً، سياسة تقوم على ترميم المباني الحضارية القديمة، باعتبارها تشكل الهوية التاريخية والتراثية لشعبنا وكدليل واضح وقطعي على أحقيته بالأرض، وفي محاولة لحمايته من النهب وترويجه في الداخل والخارج تحت اسم غيرنا، فحتى الأكلات الشعبية الفلسطينية والعربية لم تسلم من السرقة وتسويقها على أنها تراث احتلالي اسرائيلي وبالتالي كان على المجتمع المحلي التفكير جيداً وحماية المتبقي وبث الوعي بالتراث الذي يعد مجد الشعوب ومرآتها التي تعكس طبيعة حياتها على مر العصور والتلويح بمسؤولية الجميع عن ذلك.
صحوة تجاه المندثر
في بلدة الظاهرية جنوب محافظة الخليل، تقع بلدتها القديمة وتنم عن اهتمام عظيم ومسؤولية كبيرة في المحافظة على الماضي وجعله نكهة الحاضر، وعلى غرار نجاح تجربة مدينة الخليل التي نبهت ضواحيها إلى ضرورة انتشال التراث الذي تحتويه من الطمس والتهميش وتعريف أهله به، حيث بدأ منذ مطلع العام 2005 الالتفات إلى أهمية التراث الموجود في البلدة وضرورة إحيائه انطلاقاً من مبدأ إحياء العراقة والأصالة والثقافة والحضارة المنهوبة، التي تشكل في مجموعها التاريخ الواجب الاعتزاز به ومباهاة العالم الآخر فيه.
وذكر سامي اشنيور رئيس بلدية الظاهرية " بالتعاون مع الحكومة ووجهات دولية مانحة تم العمل على إعادة ترميم ما يقارب الخمسين وحدة من أصل تسعمائة واثنين وسبعين مبنى تراثي قديم"، مشيراً إلى أنها تشكل جزءا هاما جداً من التراث المعماري في فلسطين، وفي ذات السياق وصف عملية الترميم بالمميزة عازياً ذلك إلى استخدام أدوات مطابقة لما هو قديم والسير على النمط ذاته بالإضافة إلى العمل اليدوي الأمر الذي يحقق هدف آخر بالإضافة للترميم وهو تشغيل الأيدي العاملة.
العودة للماضي قسراً
ووضح رئيس البلدية أيضاً أن مشاريع إعادة البناء بدأت بمبنى يعود لزمن الأتراك، وبالتحديد لعهد فوزي باشا الذي حمل اسم المبنى بعد أن تم ترميمه وتحويله لمركز ثقافي، يحوي مختبر حاسوب وقاعات للدورات والندوات وللأنشطة على اختلافها، حيث تؤمه كافة أطياف المواطنين في البلدة. وذكر في سياق حديثه عن مشروع استهدف مبنى روماني أثري قائم حتى يومنا هذا كشاهد على حقبة ما قبل ألفين ومائتي عام مؤكداً على الاستمرار حتى إعمار كافة المباني ، وكشف عن وجود نية لدى البلدية وبالشراكة مع مؤسسة رواق المختصة بالمعمار الشعبي بتنظيم خط سياحي، موضحاً أن الفكرة تولدت بعد الإقبال الكبير على زيارة الظاهرية من داخل الخليل ومن خارجها ومن فلسطيني الداخل بالتحديد، لطبيعة العلاقة القائمة بين البلدة وبينهم بحكم القرب، الأمر الذي سيزيد الدخل مشيراً إلى وجود خطة تقضي بإنشاء فندق مصغر في مباني البلدة القديمة يأوي الزائرين من المناطق البعيدة، موضحاً أن المشروع سينفّذ على مرحلتين بكلفة تصل إلى نصف مليون دولار تقريباً.
واللافت للنظر أن المباني المرممة تضم في أروقتها مؤسسات رسمية وغير رسمية كشركة الكهرباء والمحكمة الشرعية، حيث اتخذت منها مقار لها ربما في خطوة لإجبار الناس على القدوم للبلدة القديمة والعودة بهم للماضي القيم المفروض عليهم حراسته والاعتزاز به.
حق مقدس
يجب على المجتمع المحلي في محافظات الوطن كافة أن يعي أهمية المحافظة على الهوية الثقافية المتمثلة بالمباني التراثية القديمة، القائمة من آلاف السنين حتى يومنا هذا والتي تشكل حجة أحقيتنا وأسبقيتنا ووجودنا، واعتبار ذلك من الواجب الوطني المقدس والوقوف في وجه كل المحاولات الرامية لنفينا، لا سيما وأن الاحتلال يسرع في هدم البنيان التي لا يستطيع توثيقها ونسبها إليه.
موضوع مهم كتير وشكرا الك
ردحذف