Main topics

أغسطس 16، 2012

ليلة القدر في الأقصى بصراحة!

صلاة التراويح بالأقصى في 14 حزيران 2012/ يافا الإخباري

لا تأخذوا عني المعلومة، فعينيَ قدرتا أن مصلي التراويح ليلة القدر في الأقصى حين تواجدي فاق المليون، وليست مشكلة، بل على العكس، وعلى العكس أيضا كنت أنوي نصف نية أن أكتب تقريرا عن القادمين لزيارة المسجد بعد طول غياب، لكن لم يكن هذا الخبر في الواقع، فالخبر ما يستحق الطرح فوق الطاولة، ليس أسفل ما عليها من زجاجات ماء وعصائر وضيافة!


وعدل أن أبدأ من عند الطريق! لن أقول حتى لا أخدش وطنيتي كفلسطينية، أن الاحتلال "سهّل" على الفلسطينيين إجراءات العبور إلى أقصاهم، بل سأقول بحيادية: "إن الاحتلال راوغ الفلسطينيين قليلا، من أجل "تبهير" انتهاكاته وتهويده وتطهيره العرقي في المدينة المقدسة"، فـ"تخطي" حاجز قلنديا، لن يكون بالصعب، نظراً لتعميم الإحتلال إجراءاته المتبعة أيام الجمع من رمضان على ليلة الأربعاء، وبدأ تفعيلها حسب الإعلان الاحتلالي منذ الواحدة بعد ظهر  الثلاثاء. فسمح المحتل للنساء بتخطي الحاجز من منفذ ذوي الإحتياجات الخاصة، أما الرجال فمن المنفذ الرئيسي اليومي لعامة الناس إلى مدينة القدس.

إلى هنا لم يبدأ صراع المشكلة! الوضع في الأقصى حتى صلاة المغرب كان مشجعاً، أزمة لكن بغاية إسلامية، مقصدها بحت من أجل العبادة، أما العقدة فاقتربت  مع صلاة التراويح، حيثما يبدأ الطرح:

لا شك أن الطقس العام ليلة القدر كان مقتبِسا معاناة، المتهمون بها طرفان، أولهما الأوقاف الإسلامية، وآخرهما المصلون أنفسهم!  ولا تقل أيها القارئ إن لم تكن متواجدا هناك لحظتها أن المصلي بريء، وأنا لا أتعصب لرأيي بنهيك عن الشك برأيي، إنما لو قلل المصلي أواني الطبخ التي رافقته رحلته، والتي حجز لها مكان مصل، لكان الأقصى اتسع لأكثر! ولو أمّن المصلي على أولاده عند أحد أقربائه أو أهل منزله بدل أن يجلب حزمتهم معه يكومها أمامه فيحجز مكان مصل، أو يكومهم  بجانبه ويصدق أنه سد الفرج بينه وبين مصل بعده، لكان أيضا كسب أجر مصل، ضاعت نصف الركعات عليه، وهو يبحث عن فرجة تساوي نصف المساحة التي يحتلها أبناؤه! ولو ترك المصلي شراشف نومه ووسادته وراءه ولم يتمدد بين الناس حاجزا مكانا واسعا له "بأنانية" لكان الأقصى اتسع أكثر! وأن أخاطب بحروف المذكر لا يعني أني أستثني الأنثى بتاتا.

وكل "اللوات" الأولى تتراوح حول الطرف الأخير، وبعودتي إلى الطرف الأول! أيضا ثمة "لوات":

أعداد المتوافدين إلى الأقصى لإحياء ليلة القدر لا شك كانت متوقعة، لا أقلل من دور لجنة النظام واللجان الأخرى، بل على العكس أيضا، فهم بذلوا أقصى ما في وسعهم لإضفاء النظام والراحة وتسهيل التنقل على ضيوف المسجد! لكن التقصير كان في البنية الهيكلية والتخطيطية التحتية لاستقبال المصلين، وهذه أكبر من مهمة اللجان، ومسؤولية "من هم يعرفون أنفسهم"!

إذا كانت أعداد الداخلين إلى الأقصى مئات الآلاف، وكذلك أعداد الخارجين، لماذا لم يحدد "المسؤولون" أبوابا للخروج فقط، وأبوابا للدخول فحسب، تلاشياً للأزمة التي كانت تتحرك فيها القدم خطوة كل ثلاث دقائق تقريبا! ركز معي، خطوة! وأنت محصور بين من يخلفك، ومن يتقدمك، ومن على يمينك، وعلى يسارك، ومن على إحدى زوايا حولك الحادة أو القائمة أو المنفرجة، حتى أن العرق شفق عليك ليغسل وجهك طول الطريق، وما أسفل ملابسك! ورغم الإكتظاظ و الاختناق ما زاد الطين بلة الاختلاط! وكان أحرى بمن حول الطاولات أخذ هذه النقطة في الحسبان!

ولو أن المسؤولين لاحظوا أو تنبهوا إلى بعض "غير المصلين" ممن يوزعون كراسيهم عشوائياً في الطريق أمام أبواب الأقصى ليدخنوا "النرجيلة"، ويضحكوا ويتمازحوا، وبدخانهم يكدرون بعض الهواء فيما ضيوف الحرم القدسي في طريقهم يكادون يتنفسوا، لكان الطقس  "ألطف" قليلا! وهذا لا يعفي المدخنين أنفسهم من المسؤولية! ولكن بعض البشر لا يتماشى مع الصحيح والطبيعي إلا بالقانون،  والأوامر، والمخالفات!

ويغيظك ربما، شاب أو نصف شاب يحمل أفعى صفراء، يستقبلك بعد أن تبدأ تتفكك قليلا من أثر الاختناق بقوله، "تعال تصور بمية شيكل". وكأن الوقت أو المكان أو الأعداد والأزمة يستحملون مزحة في غير وقتها، ما يضحك عليها إلا صاحبها.
هذا نصف الوضع في الأقصى! ونصفه نية عبادة وفعلها، قيام، وركوع وسجود، دعاء لمسلمي فلسطين، وبورما وكل مكان، بخشوع، وصدق.

وأنت أيها القارئ، لا تقارن الوضعين بحجم الحروف، فالعبادة طقس فوق المعاناة يظل دائما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق