Main topics

مايو 23، 2010

دَع معدتَك نظيفة، دَع نفسَك نظيـفة!

 لا تصيبني عادةً عدوات كثيرة في هذا الوطن، سوى الفايروسات التي تبتدئ مع ابتداء فصل الشتاء، وتعود لتنتشر مع بداية فصل الربيع. وهي في طبيعة الحال لا بدَ منها ولا أنجح دائما في تفاديها، في ما عدا ذلك فإني لا اتأثر بالظواهر التي تنتشر لتصيب شعبنا "الساذج" من حينٍ لآخر، كالفيروس البرشا-ريال الذي ينغمس فيه أكثر من البعض حاليا.
ولم أكن لأعلم "الهَوس" الذي وصلَ اليه الشعب لولا شريط ال SMS بالتلفزيون، ترى أن الشباب قد وضعوا طاقاتهم وهدروا وقتهم بتأليف النكات والأغاني والمشاجرات والغيرة والقهر والغضب لأجل فريق كرة، ف"مدريدي وبس" يقول "1 2 3 ريال يا حياتي" و"عاشق برشلونة" يضيع وقته وجهده و"مصرياته" ليكتب نكتة على شريط الاهداءات "شو وجه الشبه بين ريال مدريد وولاد الحضانة؟ التنين بروحوا بدري..!". وحقيقةً عجبت، ألم يبقَ غير هذه القضية لنلتفت إليها؟ أم أنّا يئسنا من التعقيدات فهربنا الى تشجيع كرة القدم والفنانات؟

 كنتُ أقول أن مثل هذه "العدوات" لا تصيبني والحمد لله. أما العدوى التي انتقلت لي مؤخرا من ابنة عمي وسعدتُ لها جداً فكانت ظاهرة جميلة اسمها "مقاطعة المنتوجات الاسرائيلية". لميس التي تصغرني بعدة سنوات قررت أن لا تدخل فمها شيئا إسرائيليا. ولكي تضمن بقاءها على وعدها أقسمت على القرآن بأن لا تتذوق أي منتوج اسرائيلي، ولم تكتفِ بمنع نفسها، فمنعت والديها واخوتها من ادخال أي منتوج اسرائيلي على البيت. ولم يمانع أحد على الأقل لأن لا يُتهم بأنه أقل وطنية من هذه الطفلة. وما اكتشفتُ انا ذلك الا حين مددتُ لها كيسا من "الشيبس" فأخذت تنظر الى جوانبه تبحثُ عن شيءٍ ما، وكان الرقم الذي منعها من ان تأكل "729". ولم اكن اعلم وانا اكبرها بأعوام كثر أن هذا الرقم يدل على ان هذه البضاعة صُنعت في اسرائيل. تفاجأت بالمعلومة وتفاجأت أكثر بالحالة التي وصلت اليها الفتاة من الوعي والاصرار. المثير في الموضوع أني بعد ان عرفت لم استطع ان أكمل "الشيبس" الذي كنت التهمهُ، انتقلت لي العدوى تسربت الى معدتي وصرت تلقائيا ارفضُ أي شيء اسرائيلي، لأني اشعر ان سماً ما يفتكُ بمعدتي. رأيت حماسها وهي تقول لي أنها بدأت مع بنات صفها بمقاطعة البضاعة الاسرائيلية بشكل جدي، وعملنَ الكثير من اللوحات التي تعبّر عن مقاطعتهن لكل ما هو اسرائيلي، وقمنَ بتعليقها على حائط المدرسة وأخذن ينقلنَ العدوى الى غيرهنَ من الطالبات.

ما يحدث الآن يجعلني أتفائل بالشعب الذي بدأ فعلا بالمقاطعة، على الاقل مقاطعة بضائع المستوطنات التي لا تُباع لغيرنا. فقد انطلقت حديثا حملة من بيت لبيت التي اطلقها صندوق الكرامة الوطنية والتمكين  وتهدف الى توعية الجمهور الفلسطيني بضرورة مقاطعة بضاعة المستوطنات ودعم المنتج الوطني. وعلى حد علمي، فإن الشعب الفلسطيني يبدي حماسا ملحوظا لهذه الحملة على اعتبار انها شكل من أشكال المقاومة، والتي ترفضها اسرائيل وتجزع منها على اعتبار أنها "ارهاب اقتصادي". فهم بالطبع اعتادوا على تسمية كل شيء يتعلق بنا بـ "الإرهاب" رغم أن ما نفعله يعد مقاومة سلمية لا بل حرية شخصية، على الأقل نستطيع ان نتحكم بما يدخل الى أفواهنا! وحقيقةً، ما يتوجب علينا ليس فقط مقاطعة بضاعة المستوطنات، بل أيضا مقاطعة جميع المنتوجات الاسرائيلية لنحصل على فلسطين خالية ونظيفة من البضاعة الاسرائيلية، ومن لا يخلو بيته منها فلا تخلو نفسه.

يبقى يا اعزائي مشكلتين، الأولى ادماني القديم على "الشمينت" الاسرائيلي، او فلنقل الشمينت بدون اسرائيلي، لأني لا أعرف ان كان هناك دولة أخرى في العالم تصنع الشمينت بنفس الجودة. شخصيا حاولت ان استسيغ طعمَ الشمينت الفلسطيني فلم استطع، لأني كلّما ذقته تتعلق حاسة الذوق عندي بالشمينت الحقيقي. والحل لهذه المشكلة كان أن لا آكلَ شمينت "من أصلو" وانتهى الموضوع. أما المشكلة الاخرى، وهي الأكثر جدية قليلا، أن لميس عندما قررت ان تقاطع كل المنتوجات الاسرائيلية، صارت تشرب الشاي مراً، وهذا لأنها لم تجد في أسواقنا سكّرا عربياً..!  الآن قولوا لي، ألن يدخل  السكّر الى أفواهنا الا اذا كان اسرائيلياً؟؟ أم أنّا قادرين على تحمّل مرارة الطعم مقابل نظافة أنفسنا من كل ما يتعلّق بهم ؟







هناك 6 تعليقات:

  1. فعلا يا صديقة بشرى هذه الحملة من بيت لبيت والتي انا الان اعمل فيها ومعهم لمقاطعة البضائع الاسرائلية وقد كانت هذه الحملة موجودة منذ اكثر من سنة ولكن لم ينتبه لها احد، والان هناك فعلا تفاعل كبير من قبل السكان، مع ان البعض الاخر يرفض ان يدعم البضاعة الفلسطينية للاسباب التي اشرتي اليها وهي الجودة في الصناع، ولكن ما تحتاجه البضاعة الفلسطينية هو الدعم المادي ، وهذا ينتج من الاقبال عليها.
    والجدير بذكر ان هنالك ما يعادل سبع مصانع اسرائلية تم اغلاقها بسبب منع البضاعة الاسرائلية داخل الاسواق، اتمنى ان نستمر على هذا المنهاج، فهو من اشكال المقاومة.
    وبتوفيق يا لميس لك ولصديقاتك

    ردحذف
  2. المقاطعة الاقتصادية هي شكل ذكي جدا من أشكال المقاومة. سعيدة بكِ يا ميسا لأنكِ من المتطوعين في هذه الحملة، مع 3 الآف شاب وشابة آخرين من أبناء هذا الوطن الشامخ. سنعيد لأنفسنا المجد اذا أكملنا درب الوحدةِ سوياً ضد كل شيء يتعلّق بهم.

    ردحذف
  3. يا ستي انا معك وانا كمان بحب اقاطع المنتجات الاسرائيليه والدنماركيه بس كيف بدكم ايانا نقاطع ما دام فش اشي فلسطيني بجوده الاسرائيلي انا بحكي اوجدو منتوج دو جوده بعدين بتحكو انت وضميرك هههههههه

    ردحذف
  4. Bushra my friend
    I feel soooooooooooooooooooooooo frustrated not to speak arabic

    ردحذف
  5. Marie Sophie try Google Translation heheheh
    sorry that it's in Arabic.
    Miss u big time

    ردحذف
  6. بالنسبة الك اخي غير معرف
    فإنت حسستني انو لا يمكن ان نأكل الا من بضاعة اسرائيلية او فلسطينية
    متجاهلا كل المنتوجات العربية والاوروبية الأخرى!

    الهدف أن نقاطع منتوجات العدو، والخطوة الأولى تتمثل في عدم شراء هذه البضاعة، وليس في التفكير بـ" ماذا سنأكل؟"!!
    والخطوة الثانية تشجيعنا للمنتوجات الوطنية. وفعلا تبقى "انت وضميرك".

    ردحذف