صورة لمقابر الأرقام- غوغل |
جثث غابت، أجساد باتت عظام، أعوام مرت على احتجازها، والإحتلال يرفض تسليمها لذويها. أرقام يحملونها عوضا عن أسمائهم، مقابر تخلو من معاني الإنسانية والكرامة ورفاة أجساد قدمت الكثير لقضيتنا وروت بدمائها ثرى الوطن، ألا تستحق هذه الجثث أن نضحي من أجلها ومن أجل دفنها بكرامة وبطريقة إنسانية؟! ألا تستحق أجساد هؤلاء الشهداء تحريرها من مقابر العدو وإعادتها لذويها بعد سنين طوال؟!
سالم خلة منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والمفقودين، في مركز القدس للمساعدة القانونية، ذكر أن فكرة حملة المطالبة بجثامين الشهداء جاءت عندما قدمت عائلة الشهيد مشهور العاروري منفذ عملية لينا النابلسي عام(1976)، طلبًا لمركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، بعرض ملف ابنها في المحافل القانونية الإسرائيلية. وقال خلة:"كان طلب عائلة العاروري هو البوابة الأساسية في فتح الطريق أمام المطالبة باسترداد جميع جثامين الشهداء الفلسطينين والعرب المحتجزة في مقابر الأرقام وتمكين عائلاتهم من دفنهم حسب التقاليد الدينية، وهذا ما نص عليه القانون الدولي الإنساني وإتفاقيات جينيف عام (1949)".
وأضاف خلة :"شرعنا بسلسلة من التحركات بهدف تعرف الرأي العام على قضية شهداء الأرقام، لأنها كانت قضية مهملة بل منسية بين الأطر السياسية والجماهيرية والحزبية، ونتج عن هذه التحركات تشكيل رأي عام وطني وإجماع وطني كانت حلقته المفصلية الأولى استقبال رئيس الوزراء وفد الحملة وتبنيه أهدافها، واتخاذ قرار في مجلس الوزراء في تاريخ(3-8-2009)، والعمل بروح الشراكة مع الحملة، بالإضافة لتبني جميع الأحزاب السياسية هذه الحملة".
ونوه إلى أهمية تعريب وتدويل قضية الجثامين المحتجزة، وقال :"تمكنا من تأمين قرار الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تبني الحملة، وعرض هذه القضية على مجالس الوزراء العرب، وأسفر ذلك عن انعقاد ندوة دولية بحضور خبراء قانون دوليين وعرب في (9-5-2011)، صدر عنها عدة توصيات تهدف إلى تدويل قضية شهداء الأرقام، والذهاب بها إلى مجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية".
وأفاد منسق الحملة أن مركز القدس عمل على متابعة مطلب استرداد الجثامين، من خلال تنظيم (52) مراسلة تقدم بها محامي المركز هيثم الخطيب، إضافة لعدد من الإلتماسات للمحكمة العليا الإسرائيلية، ومن بينها التماس بشأن احتجاز جثمان الشهيد مشهور العاروري.
عقبات الإسترداد:
أشار خلة إلى أهم العقبات التي واجهت المركز في استرداد جثمان العاروري، أهمها الفحص الوراثي، الذي أجري لجثمانه إذ تبين عند إجراء الفحص في المرة الأولى أنه غير مطابق لعائلته، وذلك بسبب سوء وضع المقابر التي يدفن بها الشهداء، وقرب المسافة بين القبر والآخر، مضيفًا أن السبب في عدم مطابقة الفحص للعائلة هو قيام قيادة الجيش بإزالة جثمان العاروري من قبره بواسطة جرافة ما أدى إلى اختلاط عظام العاروري بعظام شهيد اخر، وقال :"رغم كل التحديات أصر المركز على متابعة ملف العاروري إذ تم الاستدلال على جثمانه بعد ما يزيد عن أربعة أشهر من المحاولة الأولى، في حينها تم استرداد جثمانه وتشييعه بما يليق بكرامته الإنسانية والوطنية".
وذكر شاهر العاوروي شقيق الشهيد مشهور العاروري ، أن تحرير جثمان الشهيد مشهور هو فتح لبوابة استرداد كافة الجثامين المحتجزة في مقابر الأرقام، وأضاف:" شكلت تجربة تسليم جثمان الشهيد مشهور بكل جوانبها الإنسانية والقانونية والإعلامية ، قضية ورافعة للجهود الوطنية والسياسية لكافة مكونات الشعب الفلسطيني، باتجاه أن تحتل قضية الأسرى وتحرير جثامين الشهداء، عنوانًا مركزيًا لنضال القوى الوطنية، ونضال السلطة الفلسطينية، من أجل استكمال وحل هذه المعضلة، التي لاقت إهمال وعدم جدية في متابعتها خلال السنوات السابقة، وعلينا أن نستجمع قوانا الوطنية والنضالية والسياسية والقانونية، حتى يكون هذا الموضوع مركزيًا وملحًا على أجندة الصف الفلسطيني وفيما يتعلق بالمؤسسات الحقوقية والقانونية يجب أن تبذل كل الطاقات وكل الجهود الوطنية لاسترداد جثامين كافة الشهداء والشهيدات.
شهداء الأرقام خارج صفقة "شاليط":
وعبر خلة عن أسفه من أن صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط (صفقة وفاء الأحرار)، لم تشمل الشهداء الأسرى في مقابر الأرقام، وقال: "كنا نأمل أن تستجيب قيادة الفصائل التي أسرت شاليط والتي أشرفت على المفاوضات لإطلاق صراحه، لسلسة النداءات التي توجهنا بها لهم بمطلب الإفراج عن جثامين الشهداء الفلسطينين والعرب، لكنا نأسف لخيبة أملنا بإضاعة فرصة تحرير هذه الجثامين دفعة واحدة، وإنهاء عذابات أهاليهم أمام التعنت والإبتزاز الإسرائيلي".
واعتبر أن صفقة الجندي شاليط رابحة لأنه تم الإفراج عن (1027) أسيرًا وأسيرة، ووصفها بأنها مكسب للنضال الفلسطيني، مؤكدًا أن الحملة رغم ضياع هذه الفرصة منها ستواصل بعزيمة أكبر حملتها لاسترداد جثامين الشهداء، خاصة بعد نجاحها باسترداد جثمان مشهور العاروري وحافظ أبو زنط.
وفي رد على استجواب قدمه الشيخ النائب ابراهيم عبد الله صرصور، رئيس حزب الوحدة الوطنية الحركة الإسلامية، ورئيس القائمة الموحدة للتغيير حول استمرار إسرائيل حجز جثامين الشهداء الفلسطينين والعرب والكشف عن مصير المفقودين، يدعي الوزير فلنائي :"أن الحديث هنا يدور عن جثامين "مخربين!" من منظمات "إرهابية!!" فلسطينية".
وأضاف الوزير :"إسرائيل ستستمر في حجز كل الجثامين التابعة لرجال حماس والجهاد الإسلامي، ولن توافق على تسليمهم لعائلاتهم حتى يكون هناك حل لقضية الجندي الأسير جلعاد شاليط. وذكر أن جثامين رجال فتح سوف يتم النظر في كل طلب على حدة".
ويذكر أن الشيخ الصرصور كان قدم هذا الإستجواب، على أنه موضوع إنساني من الدرجة الأولى. ويذكر أيضًا أن الشيخ يعمل مع مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان من أجل متابعة هذا الموضوع.
وعلق الشيخ الصرصور على رد وزارة الحرب الإسرائيلية قائلًا :"سلوك الحكومات الإسرائيلية في هذا الشأن يفتقد إلى الحد الأدنى من الإنسانية والأخلاقية، خصوصًا بعد اعتراف الوزير فلنائي بأن إسرائيل تحتجز جثامين الشهداء كرهائن من أجل مقايضتها مع الفلسطينيين مقابل شاليط، الأمر الذي لا يقبله المنطق، علمًا بأن إسرائيل تحتجز هذه الجثامين قبل وقوع شاليط في الأسر".
وأشار إلى أن هذه السياسة الإسرائيلية ما هي إلا عقاب لا مبرر له لأسر الشهداء وعائلات من حقها حسب كل المواثيق الدولية استرجاع جثامين أبنائها ودفنها حسبما تقتضيه الأعراف دون أي علاقة بضفقات أو غيرها.
جثث مفقودة:
الحاجة مريم التسعينية والدة الشهيد المفقود علي عفانة من قرية عارورة مواليد عام (1948)، منفذ عملية جبل القرنطل في أريحا عام(1968)، تقول :"بما تبقى لدي من بصر أسير به الآن أتمنى أن أعلم أين هي جثة ولدي علي"، وأضافت :"ولدي اختفى منذ سنين طويلة وأنا ما زال لدي أمل في رجعته ليدفن في وطنه وبين أهله".
وطالبت والدة الشهيد عفانة الجهات المختصة بمتابعة ملف ولدها، والبحث عنه متمنية أن يفرج عن جميع الجثامين المحتجزة في مقابر الأرقام والعثور على الجثث المفقودة كجثة علي.
آلام لم ولن تنتهي إلا بعودة كافة الجثامين المحتجزة في مقابر الأرقام إلى عائلاتها وأحبائها، وتساؤلات تدور في الأذهان عن مستقبل هؤلاء الشهداء، ويبقى السؤال الأهم هل نحتاج فعلًا "شاليط آخر للإفراج عن جثامينهم"؟ رغم أنه كان من المفترض أن يفرج عنهم عند استرداد الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، فوارق زمنية تفصلنا عن معرفة مصير هؤلاء الشهداء وعائلاتهم بانتظار كشف المجهول.
وها هي الحكومة الإسرائيلية تقرر الإفراج عن دفعة أخرى من الشهداء المحتجزين في المقابر المرقمة، لتفرج عن (91 شهيدًا) ممن قضوا سنينًا بعيدين برفاتهم عن أراضيهم وقراهم وذويهم
بالفعل شوكه في حلق اهالي هؤلاء الشهداء والحمد لله على الافراج عن رفاتهم ليدفنو بالشكل الائق
ردحذفصح كلامك
ردحذف